Published February 25, 2025
أهمية العواطف في التسويق
كم مرة تابعت إعلان وشعرت أنه لامس شعور بداخلك لدرجة أنك قررت تشتري دون أن تكون بحاجة فعلية للمنتج؟ الحقيقة أن أغلب قراراتنا الشرائية تحركها العواطف أكثر من المنطق. ففي عالم التسويق، لا شيء يملك تأثير أقوى من العواطف، لأنها المفتاح الذي يربط بين العلامات التجارية وجمهورها.
نفصّل في تدوينتنا أهمية العواطف وأثرها في جعل رسالتك التسويقية قوية ولا تُنسى ودورها في تعزيز ولاء العملاء وكيف تستثمر بها.
العواطف كركيزة أساسية في التواصل البشري والتسويقي
العواطف هي جوهر التجربة الإنسانية، وتؤثر بشكل كبير على كيفية تفاعل الأفراد مع العالم من حولهم. في التسويق، يُعتبر استهداف المشاعر وسيلة فعّالة لجذب انتباه الجمهور وخلق ارتباطات قوية مع العلامة التجارية، مثل استهداف العلامات التجارية مؤخرًا لذكريات وأسلوب حياة جيل التسعينات وجيل الألفين كشريحة قوية ومؤثرة في مجال التسويق. فعندما تثير الرسائل التسويقية مشاعر مثل الفرح أو الحزن أو الحنين والغضب، فإنها تترك انطباع دائم في أذهان الجمهور، فشركة فيمتو مثلًا ترتبط لدينا بالأجواء الرمضانية وتصوّر دائمًا مشاعر الانتماء والمحبة لدى جمهورها من خلال المشاهد العائلية في إعلاناتها وشعارها «حلاوة اللقاء».
في ميزان التسويق، ترجح كفة العقل أم القلب؟
الإقناع العقلاني قوته تكمن في الترويج للحقائق والمعلومات الموضوعية لإقناع المستهلكين، نستخدمه مثلًا في ذكر الميزات التقنية للمنتج أو سعره، أما الإقناع العاطفي يركز على استثارة المشاعر لخلق ارتباط أعمق مع العلامة التجارية. تشير الدراسات إلى أن الإعلانات التي تثير استجابة عاطفية قوية تحقق زيادة في المبيعات بنسبة 23% مقارنةً بالإعلانات التي يكون تركيزها على المحتوى العقلاني.
فإعادة إحياء ذكريات الطفولة المرتبطة بعالم الألعاب القديمة تُكسب لعبة «آسترو بوت» لقب أفضل لعبة فيديو في عام 2024، وهذا إنجاز لم يتحقق إلا بفضل استراتيجية تسويقية عاطفية من شركة سوني، حيث استغلت الشركة عاطفة الحنين لشخصيات الألعاب القديمة عند جمهورها، وخلقت بذلك ارتباط عميق معهم جعل اللعبة من أكثر ألعاب الفيديو شعبية ومبيعًا.
من القلب للقلب:
اختيار العاطفة المناسبة يعتمد على الرسالة التي ترغب في إيصالها لجمهورك، على سبيل المثال استخدم مشاعر الفرح والسعادة لتعزيز صورة إيجابية للعلامة التجارية، وفعّل مشاعر الحزن أو الخوف لتسليط الضوء على قضايا اجتماعية أو تحفيز المستهلكين على اتخاذ إجراء معين، والمهم هو استخدام العواطف بشكل يتناسب مع قيَم علامتك التجارية ورسالتها.
ولعل من أبرز الشركات التي اشتهرت باستخدام العاطفة التسويقية في الإعلانات بشكل كبير هي شركة زين، فقد ارتبط بها العملاء بشكل وثيق، لأنها تُشعرهم دائمًا أنهم جزء من القصة ومحورها الأساسي، ففي إعلان Limited Screen Time استهدفت زين مشاعر الحزن والحب معًا، مشيرة إلى تحديد وقت للشاشات وعدم تفويت اللحظات العائلية، وقد حقّق الإعلان ما يقارب 9 مليون مشاهدة، حيث عزفت زين على وتر مشاعر حب العائلة وقيمة الوقت معها، مما زاد ارتباط عملائها بها.
دور العاطفة في تعزيز ولاء العملاء
تساهم العواطف في بناء علاقات قوية ومستدامة بين العملاء والعلامة التجارية، فعندما يشعر العملاء بارتباط عاطفي مع علامة معينة، يكونون أكثر استعدادًا للالتزام بها والترويج لها بين معارفهم وحتى للدفاع عنها وقت الأزمات، فقد أثبتت دراسة أن العملاء المرتبطين عاطفيًا بالعلامة التجارية يقدمون قيمة أكبر بنسبة 52% من العملاء العاديين.
مثلًا ربطت شركة سن توب ولاء عملائها من خلال استثارة مشاعر الحنين للذكريات القديمة تحت شعار #اللي_بيننا واستعراض بطاقات العضوية لعملائها في الماضي.
تحليل المشاعر باستخدام الذكاء الاصطناعي
مع تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، صار بإمكانك تحليل مشاعر جمهورك من خلال البيانات المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعلات الرقمية، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد المشاعر السائدة بين الجمهور المستهدف، ومساعدة المسوقين في صياغة رسائل تتناسب مع تلك المشاعر، وبالتالي تحقيق تأثير أكبر.
كيف تستثمر في عواطف عملائك؟
الاستثمار في بناء روابط عاطفية مع العملاء ليس مجرد استراتيجية قصيرة الأمد، بل هو استثمار طويل الأمد يعزز من استدامة العلاقة بين العميل والعلامة التجارية. العملاء الذين يشعرون بارتباط عاطفي قوي يكونون أكثر ولاءً وأقل عرضة للتحول إلى منافسين، مما يضمن استمرارية الأعمال ونموها.
ومن أبرز الشركات التي استثمرت في علاقة طويلة الأمد مع عملائها هي شركة ديزني، حيث ارتبطت بهم من مرحلة الطفولة وحتى بقية مراحلهم العمرية، من خلال ربطهم بمشاعر الحب والسعادة، وأيضًا كما ذكرنا سابقًا شركة سوني واستثمارها في علاقتها مع مستخدمي بلايستيشن 5.
في الختام، يُعد فهم واستغلال العواطف في التسويق أداة قوية لبناء رسائل تسويقية فعّالة تترك أثرًا دائمًا في أذهان المستهلكين، وتعزز من ولائهم للعلامة التجارية على المدى الطويل.
المصادر: