تم نشره مارس 1, 2020
أين يختبئ الإبداع؟
عندما بدأنا العمل على هذه التدوينة بدأنا بفكرة رئيسية: لا يوجد إجابة حاسمة بهذا الخصوص!
السؤال الأزلي يقول أين يبدأ الإبداع؟ ثم يولد من هذا السؤال أسئلة أخرى: هل الإبداع في القلب؟ أم في العقل؟ أيّهما يبدأ العمل أولًا؟ وأيّهما يتخذ القرار في العمل على الفكرة؟
هذه الأسئلة تعود لسنوات مضت، والأبحاث لا تتوقف في محاولة دراسة هذا التعاون الذي يشهده الإنسان بين عقله وقلبه. ما يمكننا فعله هو جمع الأفكار التي نرى اقترابها من الحقيقة، ونفتح المجال لكم للتأمل والتساؤل معنا.
كارلايل يقول أن الفنّ لا يأتي من القلب وحده، ولا من العقل وحده. والفلسفة اليونانية تقول: لا شيء يخرج من لا شيء. والإبداع يخرج من شيء آخر بالتأكيد، يخرج من الواقع الذي نعيشه، وأفكارنا ومشاعرنا والقيم التي نؤمن بها، والقائمة تطول. الإبداع إذًا مزيج من عمل القلب والعقل معًا. وهذا ما يمنح الصدق، والجودة والعمر الطويل للفكرة الإبداعية. إذا لم تشعر بالعمل الذي تبدعه لن تتمكن من تطويره وإيصاله للآخرين.
إذا يمكننا الاتفاق – بنسب متفاوتة- على التالي:
- عندما تترك عقلك يتجول بحريّة، وتنفصل تمامًا من كلّ شيء ستخرج بأفكار ورؤى خلاقة لا يمكن أن تصل إليها بالتحليل والتفكير العميق. وهذا يعيدنا للإبداع الناتج عن الملل! عندما نشعر بالملل من الأفعال والأفكار المكررة نبدأ بالبحث عن مخرج أو طريقة للبدء من جديد.
- الكثير من الأعمال الإبداعية المفضلة والتي تحصد أكبر قدر من الاهتمام من الأفراد، ولدت من الإحساس بالجمال حولنا. وتشترك فيما بينها في المفردات الشعرية، وامتداح الطبيعة، والجمال في كلّ شيء. واللوحات، والأدب والمنحوتات الشهيرة كلها تدور حول هذا الموضوع. إنّ الشعور الذي يولد في القلب ويدفع الفنانين أو المبدعين لصياغة هذه الأعمال هو ما يحرك الفكرة في أذهانهم.
- يرى ستيف جوبز إن الإبداع في حقيقته هو مجرد ربط الأشياء مع بعضها. وعندما تسأل المبدعين كيف فعلوا شيئا؟ سيشعرون بالذنب لأنهم لم يفعلوا ذلك بشكل مباشر. لقد رأوا شيئا ما، واتضحت لهم أشياء بعد حين. ما يميز المبدع هو قدرته على ربط التجارب التي مرّ بها ومشاعره وأفكار وبناء أشياء جديدة منها.
- نحن بحاجة إلى الخروج من رؤوسنا إلى قلوبنا أحياناً لإنجاح العملية الإبداعية. فالإنسان ليس آلة خالية من المشاعر، مهما كانت البيانات والحقائق والأرقام مهمّة في العملية الإبداعية. إلا أننا نحتاج الذهاب للعمق للتعرف على صوتنا الحقيقي الخالي من المؤثرات الخارجية والأحكام الجازمة.
- السماح للقلب بالحديث مع العقل كطريقة للحياة، يمكننا من تجربة تدفق الأفكار والمشاعر بانسيابيه. ويسمح لنا بالعمل بسهولة ووضوح. هذا بالتالي يمتد من دواخلنا للرسائل التي نبدعها ونشاركها مع العالم.
- لا يمكن قياس عمل العاطفة والحدس والمنطق -على الأقل حتى الآن- وفصل القلب عن العقل بطريقة تامة. عندما تعمل الطاقة البشرية، تعمل بشكل كامل. يتفاوت فيه التفكير الواعي والحدس، ويخرج الإنسان بالإبداع في حركة رائعة بين كل هذه العناصر تمتدّ وتتطور بامتداد حياته.
إذا، من أين تولد الفكرة الإبداعية؟
من الطبيعة حولنا؟ أو التربية؟ أو التعليم؟ هل نولد بها داخلنا؟
نقترح عليكم مشاهدة هذا الفيديو لإيمي تان، الكاتبة والروائية الأمريكية. في هذا الفيديو تروي تان قصتها مع الإبداع على مسرح تيد. تجربتها في جمع قصاصات حياتها، والمواءمة بين ما يحدث في عقلها وقلبها مدهشة، وسردها ممتع.
ومن أرشيف تدويناتنا نشارك معكم هذا الموضوع الخفيف لتجاوز “قفلتكم الإبداعية” عندما تكونون في أمسّ الحاجة لقدرتكم على الشعور والتفكير في آنٍ واحد.
1 تعليق