تم نشره يناير 3, 2021
مستقبل شركات التسويق
شركة إبداعية أم استوديو تصميم؟ تسويق رقمي أم بناء هوية؟ تطوير استراتيجية أم تنفيذ ؟ هذه الأسئلة وغيرها كانت دوماً ماتلاحقني سواءاً من العملاء ولطالما كان يؤرقني التصنيف .. أولهما لإيماني بأن “صاحب السبع صنايع .. ضايع” وآخرهما أن يستحيل للشركة أن تتميز في عدة مجالات بنفس المستوى لكن فعلياً هذا هو الواقع. من هنا كنت دوماً أعود لأساس عملي وسبب وجودنا الأول والمرتكز الأساسي الذي تتمحور حوله كافة خدماتنا ألا وهو “حكاية القصة”.
فسواءاً كنا نخطط حملة إعلانية كبرى أو نصنع هوية بصرية لأحد الشركات أو نكتب نصاً أو نتنج إعلاناً فنحن من خلال هذه المخرجات كلها نلهم ونؤثر ونغير من خلال القصة المسموعة والمكتوبة والمرئية.
في هذا الوقت من السنة عادة ما تلجأ الشركات لمراجعة استراتيجياتها الداخلية والتخطيط للسنة القادمة .. وهذا مايطرح السؤال المهم دوماً.. من نحن ولماذا نحن هنا؟ وفي أي نطاق نقدم خدماتنا
المدرسة التقليدية في التسويق تقتضي أن يتم تصنيف خدمات الشركات الإبداعية لثلاث أجزاء ATL – BTL – TTL لكن هل يمكن يستمر هذا التصنيف إلى الآن؟ هل يمكن لشركة ما أن تتخصص في خدمة واحدة فقط؟
سبق وتكلمنا عن التخصص في قطاع الأعمال لكن ما الذي استجد في العالم وتطلب منا – نحن الشركات الإبداعية – لتغيير طريقة عملنا وتفكيرنا.
ما الذي تغير؟
- ظهر عالم رقمي جديد مليء بالخيارات.. خيارات لانهائية من الشبكات وقنوات نشر الميديا بينما كانت سابقاً تعد على الأصابع. عدد الرسائل الإعلانية التي تظهر للفرد تتجاوز ٣٥ ألف رسالة في اليوم الواحد – فكيف نتوقع أن نظهر ونحكي قصص عملائنا ونلفت انتباه جمهورها .. كيف ننظر للموضوع بشكل تقليدي ونطبق نفس القوانين التي ظهرت قبل ظهور هذه العوالم؟
- العملاء أصبحوا أكثر وعياً وبالتالي أكثر تطلباً ٫ مما يتطلب من الشركة الابداعية أن تنظر للموضوع اكثر من “مقدم خدمات” بل “شريك نجاح”.
- انخفاض الإنفاق بشكل عام على ميزانيات الميديا٫ وتحول العملاء لبدائل أخرى منها أن يتم شراء المساحات الإعلانية والميديا بنفسهم بدون وسيط. عدا عن تغير الشركات المالكة للميديا والتي أصبحت شركات تقنية كبرى مثل جوجل وفيسبوك بدلاً من الصحف والقنوات التلفزيونية.
- توجه العديد من الشركات الكبرى والجهات الحكومية والهيئات لتأسيس فريق تسويق / إبداع داخلي مما يقلل الفرصة للشركات الإبداعية أمامهم وتدفعهم لتقديم قيمة مختلفة عن المتوقع سابقاً.
إذن.. كيف يمكن للشركة الإبداعية أن تتميز في وسط هذه التغييرات؟
- سوّق للأفراد بشكل مستقل ومباشر: لطالما عملنا كفريق تسويقي على تطوير”شخصيات المستهدفين” Market persona كطريقة لتعميق الفهم بالمستهدفين لكننا وبكل صدق لانستطيع أن نتجاهل حقيقة أنها استراتيجية عامة جداً لدرجة أننا قد لانجد شخصين متشابهين تماماً ضمن نفس الفئة. التسويق في العصر الحديث يتطلب الاطلاع بشكل مستمر والتعمق في فهم المستهدفين لحين الوصول للمرئيات insights الفردية والتي تناسب كل شخص على حدة.
- قلل التواصل وغيّر الاستراتيجية: بعد مشاهدة أكثر من مئة إعلان لموضوع واحد ألا تشعر بأن الافكار اصبحت مكررة؟ وأنه مهما اختلفت الفكرة التي تم تقديمها إلا أنها عجزت أن تعلق بذهنك وتتذكرها بعد مرور ساعات؟ وأن قيمة ماتقدمه يختفي في هذه الضوضاء؟ في النهاية سيبقى في رأس المشاهد محصلة كل ما تقدمه من أفكار واعلانات وقصص ويصنع منها قصته الخاصة لذلك لاتنسى في خضم الاعلانات أن تظهر قيمة ماتفعل وتقدمه ولا تبالغ بالتسويق بدون استراتيجية وأهداف مدروسة.
- فكرّ في القيمة: قد يمتلك العميل فريق تسويق داخلي بطل٫ في هذه الحالة فكر فيما ستقدمه كشركة إبداعية ولايمكن للفريق الداخلي تقديمه. هل هي الاستراتيجية التي نتجت من العمل مع شركاء وقطاعات مختلفة؟ هل هي الخبرة التي تساعد العميل على تقليل التكاليف وتحقيق نتائج إعلانية أفضل؟ هل هو الإبداع الذي ينتج من حرية أكبر ولياقة فكرية تنتج من كثرة الممارسة؟
- درّب فريقك على المرونة: قد يكون الفرد هو أفضل من يصنع المحتوى النصي لكن ماذا لو تطلب عمله بعداً استراتيجياً؟ في العصر المتغير من الضروري أن تسثمر الشركة الابداعية في تطوير مهارات الفريق لتناسب الحاجات المختلفة للعملاء. بالرغم من أن التخصص أمر مطلوب إلا أن المرونة والتطور والتعلم تتفوق عليها في الأثر خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن العديد من وظائف الشركات الإبداعية تغيرت خلال هذه السنة أو ستختفي خلال الفترة القادمة.
لذلك ومن خلال كل هذه التغييرات علينا دوماً أن نعيد النظر للقيمة الأساسية التي تقدمها الشركة في ظل هذا العالم المتغير ونحاول أن نحافظ على كينونة الشركة والقيمة الأساسية التي تقدمها للعملاء بالرغم من تغير العالم المحيط بها وطريقة عملها مع العملاء. المستقبل للشركات التي تتمتع بالمرونة الكافية لتغيير ماتقدمه لعملاءها من خدمات لكن مع ثبات القيمة الإجمالية٫ فسواءاً كانت تقدم استشارات أو استراتيجيات أو خدمات تصميم وحملات وإعلانات إلا أنها تكون بالفعل “شريك إبداعي”. عملاء المستقبل سيبحثون عن شركات المستقبل وسيحين الوقت الذي نقول للشركات التقليدية “باي باي إيجنسي”.
خنساء أبوناجي
المصادر:
0 تعليقات