تم نشره نوفمبر 22, 2022
كأس العالم وتسجيل الأهداف الإعلانية
كل أربع سنوات، يطل علينا «كأس العالم»؛ البطولة الأضخم والأكثر مشاهدةً وترقب، حتى من أولئك الذين لا يهوون كرة القدم كثيرًا. ففي كأس العالم تتوحَّد الجماهير. شعب كامل يصبح جمهور دولته، وإن خسرت.. يصبح جمهور قارته. ولا تصبح المسألة مسألة فوز وخسارة فحسب، بل مسألة انتماء وولاء.
يشابه الأمر إلى حدٍ ما حضورك زواج أحد الأقرباء لك، لأنك تريد أن تقف معه و«تجمّله» قدام الناس بحيث يعرفون «عزوته». ولهذا السبب نجد الشعارات اللفظية لحملات كأس العالم تحمل عناوين مثل: #كلنا_للأخضر، #حنا_وراكم، #أخضرنا_قبل_الكل، وغيرها من الشعارات التي تعزز ذلك الرابط الذي يجمعنا مع الوطن وتُظهر وقفتنا معه.
حدث بهذه الأهمية والجماهيرية يتحمس له القاصي والداني، يمثل وجبة دسمة للشركات التجارية تتنافس على طبخها وتقديمها بملايين، ملايين، الريالات.
فكيف بدأت هذه البطولة؟ وكيف تحولت لحدث إعلاني ضخم تتفق على أهميته كل شركات العالم، ولا يشبه مواسم الإعلانات المحلية كالأيام الوطنية والأعياد؟
صافرة البداية:
كانت فكرة كأس العالم شبه مستحيلة، فتنظيم بطولة كبرى عالمية تشارك فيها مئات الدول، مع أخذ مسائل التنقل وتكاليف استضافة كل هذه الفرِق في دولة واحدة بالحسبان، كان صعبًا للغاية. إلى درجة أن مبتكرها «جول ريميه» ظل يقنع الناس تسع سنوات، لإقامة أول نسخة من كأس العالم والتي لم يشارك فيها إلا دول قليلة بعد محاولات كثيرة من «الترجي وحب الخشوم».
ولأن الصورة هي لغة العالم المشتركة، بدأت البطولة تكبر حين اهتمت الشركات بالتصاميم. كانت التصاميم -رغم بساطتها- تحمل الكثير من التعابير؛ صورة للكأس بجانبها معلَم شهير للدولة المستضيفة رُسمت بدقة عالية، لتشعرك وكما أنها صورة شخصية التقطتها أنت، وأنك جزء من هذا المشهد. كان المقصد أن يكون التصميم شخصيًا قدر الإمكان، لذا كان جزء منها طوابع بريدية تصل بابك، وتتلمسها يديك.
في الصورة بالأسفل، يظهر أحد الطوابع البريدية للجمهورية العربية اليمنية الخاص بكأس العالم سويسرا ١٩٥٤، حين كان الكأس في وقتها يأخذ شكل تمثال مجنح، والذي تم تغييره لاحقًا ليجسد شكل شخصين يحملان الأرض سويًا، مما عزز معنى الكأس ككأس لا يفوز به إلا أبطال العالم.
تشكيلة ما تخسّرك
مباريات كأس العالم مثل كل الأشياء المشتركة التي تجتمع عليها العائلة، الأصدقاء في الاستراحات، وزوار الديوانيات والمقاهي، بشكل حميميّ لا يخلو من تركيز عالي لكل تمريرة.
تخيَّل ملعبًا بطاقة استيعابية تصل للملايين تفد إليه الجماهير من مختلف الدول. كيف ستختار تشكيلتك التي ستلعب بها؟ وكيف تجعل علامتك التجارية فريقًا أساسيًا في ملعب إعلانات كأس العالم؟
١- هاجمهم بالتصاميم
يفهم العالم الكثير من اللغات غير المحكية، وكأس العالم.. هو خير مثال لذلك!
على مدار عشرات السنين، تواصلت الدول المستضيفة مع ملايين الناس من مختلف اللغات وأكثرها صعوبةً وتعقيدًا عن طريق «التمائم mascots». وهي شخصيات رسومية خاصة تعبِّر بالضرورة عن هوية البلد، وتنقل لا بد شيئًا من ثقافته وحضارته.
في كأس العالم بالمكسيك مثلًا، كان هناك «خوانيتو» الذي اعتمر قبعة سومبريرو المكسيكية الشهيرة. وفي كأس جنوب أفريقيا كان الفهد «زاكومي». وفي نسخة قطر هذا العام.. هناك «لعّيب»،
الشخصية التي ترتدي الثوب العربي والشماغ الأبيض والعقال، والتي وُظفت بأكثر من طريقة منها وهي تحمل دلة عربية أمام أحد الملاعب القطرية، «تقهوي» زوار الملعب.
ما نحاول قوله هو:
أن الهوية البصرية تغير مكانك على الخريطة، وتساعد -بشكلٍ قد يذهلك- في تخليد صورة ذهنية عن علامتك، وجعلها سهلة التذكر وأكثر ارتباطًا لدى الناس. لذا حاول أن تضمن حملتك تصاميم تلائم الحدث، وتعبر في الوقت ذاته عن قيمك بحيث تحكي قصتك دون أن ترويها شفهيًا للعالم.
٢- دافع عن مرماك بالموسيقى
مع كل كأس عالم، ومع كل تميمة، تبتكر الدولة المستضيفة موسيقى خاصة ترافق ظهور الشخصية في الإعلانات المصاحبة للحملة، وتكون غالبًا من الموسيقى التقليدية لهذا البلد. وكل ذلك.. بهدف تكوين هوية تجارية متكاملة، تكون أكثر إقناعًا، تأثيرًا، ووصولًا بالهوية الصوتية.
الأغاني هي أكثر صور الإعلانات انتشارًا. أغنية واحدة «تنشب» في أذهان الناس وينطرب عليها كل مَن يسمعها، قد تكون هي من يقود حملتك للنجاح.
تذكر كيف تسترجع ذاكرتك مشاهد مختلفة للمنتخب فور سماعك لـ «جاكم الإعصار ما شيٍ يعيقه»، و «الله الله يا منتخبنا»، وفكر كيف جعلك ذلك تتذكر بطولة كاملة من أغنية؟
غنِّ حملتك، واجعل الناس يتغنّون بها.
٣- مرر بذكاء، سدد بدقة
في التسويق، لا شيء أكثر أهمية من طريقة إيصال حملتك للعالم.
فالإعلان الرهيب لا يساوي شيئًا إن لم يتلقاه الجمهور، أو يتفاعل معه ويؤثر -على أقل تقدير- فيه.
حدد ما هي أنسب طريقة لتمرير إعلانك للعالم؟ هل تستخدم المؤثرين؟ إعلانات الشارع؟ قنوات التواصل الرقمي؟ المطبوعات؟
ملعبك واسع، وجمهورك في كل مكان، جِد فقط التمريرة الذهبية التي تحرز الهدف.
منتج باستحواذ عالي
في كأس العالم لا يقتصر الترويج فقط على الإعلانات، وإنما يشمل أيضًا كيف توظف هذا الحدث في منتجاتك بحيث يؤمن الناس أنها جزءٌ من عيش الحدث يجب عليهم اقتنائه.
صحيح أن الشركات العالمية تدفع مبالغ ضخمة تصل لملايين الدولارات للفيفا كي تفوز فقط برعاية البطولة رسميًا، بحيث تمتلك حصرًا دون غيرها حقوق استخدام شعار البطولة وشعار الفيفا، فضلًا عن ميزة ظهور شعارها هي في الملاعب، إلا أن ذلك لا يعني كرتًا أحمرًا يستثنيك من المنافسة.
تغيير ألوان المنتجات إلى ألوان كأس العالم، ووضع صور لاعبين أو شعاراتٍ لفظية مبتكرة، أو حتى أعلام الدول المشاركة، هي كلها حيل يمكنك استخدامها للظهور بمنتج يواكب الحدث، ويستحوذ على مشاركة الناس طيلة مشاهدتهم للمباريات.
الأفكار،قد تساوي ملايين الدولارات.
فمن كان يتخيل أن فكرة جول ريميه التي لم تلقَ استحسانًا طيلة سنوات، أصبحت الآن حدثًا رسميًا عالميًا تتنافس عليه كبار الدول والعلامات؟
ولأن المدرب المحنّك هو مَن يعرف الخصم معرفة لاعبيه.. اعرف ملعبك.
وفكّر ببساطة، لكن بعبقرية.
المنتخب السعودي لـ #قدام
يشارك صقورنا الخضر هذا العام للمرة السادسة في تاريخ الكرة السعودية في كأس العالم. مشاركة استثنائية احتفى بها مجلس جمهور المنتخب السعودي بإطلاق هوية «قدَّام»، لتوحد الدعم والهتاف للمنتخب.
ولأن للجيرة حق، اعلنت دولتنا الغالية معاملة بطاقة «هيَّا» الخاصة بحضور مباريات كأس العالم معاملة تأشيرة الدخول، ومرحَّب بكل مَن يحملها بدخول المملكة ضيفًا عزيزًا، يستطيع أن يؤدي مناسك العمرة وما شاء من الأنشطة الترفيهية والسياحية.
أمثلة محلية لإعلانات حملت الراية مع منتخبنا:
- هنقرستيشن أخضرنا #قبل_الكل:
حملة تسويقية بفيديو إعلاني شارك فيه لاعبين المنتخب السعودي والمعلق الرياضي فهد العتيبي، صاحبها إطلاق قسم جديد خاص في التطبيق، يحوي عروض حصرية.
- البيك #حب يجمع العالم:
انطلق البيك بخمس مطاعم متنقلة لقطر لمشاركة المنتخب أرض الميدان، وتعريف العالم بواحد من المطاعم الأيقونية في المملكة.
- مايسترو بيتزا #حنا_وراكم
مثال على الإعلانات الغنائية التي أنتجتها مايسترو بمشاركةٍ عددٍ من المؤثرين منهم سعيد العويران، إبراهيم الفريان، وحسن الصبحان. والتي وظفت فيه غناء الراب الذي أضفى الحماس المطلوب للحدث.
المراجع:
0 تعليقات