تم نشره أبريل 16, 2023
هل فكرتك أصيلة فعلًا؟
تخيّل معي: وأنت في روتينك اليومي تتنقل بين مواقع التواصل الاجتماعي، توقفت متفاجئًا عند إعلانٍ ما “أووه هذي فكرتي! خييير”
في مشهدٍ آخر على طاولة الاجتماعات أثناء عصفٍ ذهني، بينما تترامى الأفكار هنا وهناك طرأت على بالك فكرة ولكنك خجلت من التعريف بها، لم تمر سوى ثواني حتى طرحها زميلك، صفّق له الجميع وتبنّى المدير فكرته، وأنت في حالة تعجب من هذا التشابه، وندم على صمتك.
هذا السيناريو وغيره يمر علينا كثيرًا في المجال الإبداعي، لا شك أن الأفكار تُسرق أحيانًا، ولكن بالمقابل كثيرًا ما يحدث هو توارد أفكار، ففي هذا العصر تصادفنا الأفكار في كل خطوةٍ منا، في منصات التواصل، لوحات الشوارع، مقاطع الفيديو، وغيرها.. كل هذا يجعل فكرة تشابه الأفكار أمرًا واردًا بشكلٍ كبير، ولكن ماذا عن الأفكار الأصيلة، هل يوجد فكرة أصيلة 100% لم يسبقك بها أحد؟
أشباه فكرتك الأربعين
قد نفكر كلنا في ذات الفكرة، ولكن صاحبها هو من يعلن عنها.
بعيدًا عن السرقة وانتحال الأفكار المتعمّد، يقول الكاتب الأمريكي مارك توين “لا يوجد شيء اسمه فكرة أصيلة 100%، كل الأفكار مُعاد تدويرها” لو أخذنا كلامه بعين الاعتبار فهو صحيح، فنحن نتأثر ونؤثر، بالذات في وقتنا هذا الذي نواجه فيها هجومًا كثيفًا من الأفكار والإعلانات، هي أفكار نتلقاها، نُعجب بها، ثم بعد مدة من الوقت تجتمع مع زملائك في عصفٍ ذهني وتُلقي فكرةً ما، ومع البحث تكتشف أنها النسخة المطورة من فكرة الإعلان الذي أُعجبت به مُسبقًا، لذا فلنتفق أنه فعلًا كل الأفكار مُعاد تدويرها.
والأصالة، هل هي خرافة؟
الأصالة تكون في التنفيذ وإضافة بعض التفاصيل والرؤى والزوايا التي تمنح العمل قيمةً أصيلة عن غيره وتميزه.
انستقرام، سناب، فيسبوك.. مين النسخة الأصل؟
فكرة التناسخ طالت منصات التواصل الاجتماعي، أحيانًا هي توارد أفكار ثم طُوّرت، وأحيانًا أخرى هي سرقة صريحة. قضايا تُرفع وجدالات لا تنتهي بسبب هذا التناسخ، أقرب مثال فكرة القصص في سناب شات والمحتوى الذي يُمسح بعد 24 ساعة من التصوير، فكرة حصدت إعجابًا كبيرًا بين الجمهور لميزة الخصوصية التي منحتها لهم، وأصبح السناب اليوم مجتمعًا لمختلف أنواع المحتوى.
بعد هذه الشهرة الكبيرة، قرر مؤسس الفيسبوك مارك زوكربيرغ الانتقام من صاحب السناب بعدما رفض إيفان شبيغل بيعه له، فنسخ فكرته وأضافها للانستقرام مع تطويرٍ عليها، ومن ثم أضافها للفيسبوك، وسبق وأن أضيفت هذه الميزة لتويتر بطريقةٍ أخرى مع تغيير المسمى ثم حُذفت. ببساطة لأنه في عصرنا الرقمي يصعب التميز، فكل شيء متناسخ.
كيف يؤثر هذا التناسخ في المجتمع الإبداعي؟
إذا كنت تعمل في المجال الإبداعي أو مُطلع عليه، أكيد لاحظت وصادفت كثير من الإعلانات والأفكار المشابهة لفكرتك أو فكرة غيرك، ونظل في دوامة التناسخ وتشابه الأعمال، توارد الأفكار نلحظه حتى في الشعارات أو المحتوى النصي، لأنك كلما أردت البحث عن فكرة للعمل على مشروعٍ ما ذهبت وبحثت عن أفكار وإعلانات في نفس المجال، لذا يصعب التميز والتفوق، ويجب عليك حينها التفكير بطريقة مختلفة.
كل شخص مبدع بطريقته، فقد يروي اثنان نفس القصة ولكنك ستسمعها بشكلٍ مختلف من كل شخص، وهذا ما يميز فكرتك عن غيرها، وهو التنفيذ والإخراج.
أهم 3 محاور لمهارات التفكير الإبداعي:
- الجرأة: لا تخجل من فكرتك مهما كانت بسيطة أو تافهة أو غير منطقية.
- المرونة: تخيل المواقف التي مررت بها وفكّر في تصرفك وقتها، كن مرنًا ومنفتحًا في تقمّص الأدوار.
- التفرّد: الفكرة مكررة، فكّر في طريقة إبداعية لتنفيذها وإخراجها ومطابقتها للمنتج الذي ستتكلم عنه.
5 خطوات تميّز فكرتك الإبداعية
- لا تقرأ للمنافسين في المجال
أول شيء نتوجه له إذا أردنا ابتكار فكرة، هو الاستلهام من أعمال سابقة، لا بأس بهذا، ولكن ما رأيك أن تغير هذه المرة وتبحث في مجالٍ آخر؟ ممكن تقفز في بالك فكرة تجدد رؤيتك للموضوع من زاويةٍ مختلفة.
فكّر أن تشاهد مسرحية أو فيلم بحثًا عن فكرة، اخرج من القالب المعتاد لتُبدع.
- كمّل القطعة الناقصة
حلل أي إعلان تشاهده وتساءل عن نقاط ضعفه “هل كان مناسبًا للفئة المستهدفة؟ هل رسالته واضحة؟، كيف تلقّاه الجمهور؟ هل من الممكن أن يُخرَج بطريقة أفضل؟ ابحث عن القطعة المفقودة التي تُكمل الإعلان وطورها. تساعدك هذه الأسئلة في ابتكار فكرة مميزة وواضحة.
- امسك فكرتك قبل لا تطير
المبدع أينما ذهب دفتره في جيبه ليدوّن أفكاره، الكثير من الأفكار المبدعة تقفز في أوقات أنت لا تفكر فيها أصلًا وتكون مشغولًا بشيء آخر، الحق عليها وامسكها، وخبي فكرتك البيضاء ليومك الأسود.
- اخلط أفكارك
عندك مجموعة من الأفكار؟ اجمعهم مع بعض وقارن بينهم وافتح فرصة للتعارف والتعاون، اجمع فكرة مع الأخرى، أو حتى مع ثلاث أفكار، ممكن ينتج عمل مدهش، وتُكمل كل واحدة الأخرى. تواصل مع من حولك وشاركهم أفكارك، سماع الآراء مهم جدًا.
- اخرج من عقلك، وتأمّل محيطك
طيبعي إذا أردت البحث عن فكرةٍ ما تفتح جهازك وتبدأ في رحلة بين مئات المواقع والحسابات للاستلهام، إعلان وراء آخر. اترك عالم الإنترنت جانبًا وارفع رأسك وتأمّل المحيط حولك، دوّن ما يدور في المقهى مثلًا، أو في الشارع أثناء طريقك للمكتب، أو الحوارات بين زملائك، علّها تلهمك.
توارد الأفكار في الإعلانات
في هذا الإعلان اُقتبست الفكرة من إعلان سابق لشركة DHL الألمانية كان بطله اللاعب المصري محمد صلاح والذي أُنتج عام 2019.
وسط إعجاب العديد من الجمهور المصري بهذا الإعلان الذي تدور فكرته حول الأتمتة، تعود النسخة الأصل من الإعلان لشركة لايتسبيد (Lightspeed) الكندية.
يقول ألبرت آينشتاين «الخيال أهم من المعرفة، لأن المعرفة محدودة بما نعرفه ونفهمه، أمّا الخيال لا حدود له» انطلق بخيالك يا عزيزي وأبحر فيه، ولا تضيّق أفقك، وادعم هذا الخيال بالمعرفة والخبرة التي تمتلكها لتُبدع وتتميز في أفكارك.
0 تعليقات