تم نشره أغسطس 26, 2024
البودكاست، صوت علامتك التجارية المؤثر
مع وتيرة الحياة السريعة، والرغبة الملحّة في إنجاز الأهداف اليومية ومتابعة كل جديد في نفس الوقت، كان البودكاست هو الوسيط لتحقيق التوازن وخلق نوع من التواصل المستمر بين أفراد المجتمع واهتماماتهم على وجه العموم؛ باعتبارها الأكثر ثقةً من أي وسط إذاعي آخر بنسبة 93% حسب تقرير Amaeya Media عام 2020؛ مما دفع العلامات التجارية للالتفات إلى البودكاست كفرصة تسويقية تسلط الضوء على ما تتفرد به وتجذب انتباه أفراد المجتمع إليها لتتمكن من توسعة قاعدتها الجماهيرية بخلق جمهور جديد، فكيف تمكنت العلامات التجارية من اقتناص هذه الفرصة؟
سوق البودكاست
كان البودكاست عبارة عن مساحة لهُواة التدوين الصوتي، فلا يتطلب منهم استديو للتصوير ولا التزام بمدة زمنية محددة، هواية يمارسون فيها حب استطلاعهم على مجالات اهتمامهم والتعرف من خلاله على الرأي العام مع طرح نقاشات متذبذبة ما بين الجدلية والهزلية، وكان أفراد المجتمع يجدون في البودكاست الثقافة والمعرفة حول مختلف الأمور مستمعين له خلال أوقاتهم الضائعة في المشاوير اليومية، أو خلال ممارسة التمارين الرياضية، أو أثناء القيام بالأعمال المنزلية وغيرها.
إلا أن العلامات التجارية اكتسحت عالم البودكاست وجعلت منه سوقًا يروّج لها من خلف الستار ويثري المجتمع بمعلومات تم انتقائها لتحقيق أهداف محددة تصب في صالحها بشكلٍ أو آخر، وبحسب تقرير Amaeya Media نجحت العلامات في ذلك بجذب 92% من مستمعي البودكاست، حيث أظهروا اهتمامهم الكبير بالبودكاست التي تقدمها العلامات التجارية.
ومن أبرز العلامات التجارية التي تقدم برامج البودكاست:
سيفورا الشطورة
اقتنصت العلامة التجارية سيفورا Sephora عالم البودكاست كفرصة تسويقية بحركة ذكية حققت أهدافها وجذبت من خلالها قاعدة جماهيرية كبيرة من النساء المهتمات بالجمال والمستحضرات التجميلية، حيث أطلقت بودكاست باسم «Lip Stories» على منصة سبوتيفاي وأبل بودكاست لتسلط من خلاله الضوء على قصص النساء وكيفية تعبيرهن عن أنفسهن بالمكياج، وخلقت بذلك رابطًا قويًا مع جمهورها المستهدف وعززت من صورتها الذهنية كعلامة تجارية موثوقة تفهم النساء وتقدم لهن مستحضرات تجميل تعبّر عنهن.
بهذه الحركة الذكية حققت سيفورا عدة أمور:
- استهدفت جمهورًا محددًا.
- اختارت مواضيع تحقق أهدافها.
- وجّهت رسائلها إلى المستمعين مباشرةً.
- رفعت معدل تأثير حملاتها التسويقية.
- قللت من هدر مواردها على الجماهير غير المهتمة.
ريد بول، مشروب الكل
قام ريد بول Red Bull بتوسيع آفاقه في التسويق ببودكاست «Red Bull Radio» على منصة ساوندكلاود ليستعرض مجموعة متنوعة من المحتويات الموسيقية والثقافية، بالإضافة إلى مقابلات حصرية مع فنانين عالميين وشخصيات مؤثرة في مجالات الموسيقى والفنون؛ ليخلق لنفسه منصة إعلامية تتيح لجمهوره الوصول إلى محتوى غير تقليدي يعكس روح المغامرة والإبداع الذي يمثل العلامة.
بهذا التحرك المميز أثبت ريد بول إمكاناته:
– عزز ارتباط علامته بالمجتمع الفني والإبداعي.
– قدّم محتوى يتماشى مع اهتمام جمهوره ثقافيًا وموسيقيًا.
– صنع من نفسه منصة إعلامية تفاعلية.
– زاد الوعي بالعلامة بين الأوساط الفنية والثقافية.
– دعم صورته كعلامة تجارية تقدم تجارب ثقافية غنية.
منصة سبوتيفاي
استغلت سبوتيفاي Spotify قدراتها التواصلية في عالم البودكاست والموسيقى من خلال إطلاق بودكاست خاص بها على منصتها بعنوان «Spotify Wrapped» لاستعراض أبرز أحداث ونجاحات الموسيقى والبودكاست خلال العام، لتحقق بذلك تجربة ممتعة لمستخدميها وتعزز ارتباطهم بها كمنصة.
حققت سبوتيفاي من هذه التجربة نتائج مذهلة:
– عززت الوعي بمزاياها كمنصة رائدة في المجال.
– قدمت محتوى يحسّن تجربة الجمهور.
– سلطت الضوء على نجاحات المنصة في المجال.
– تفاعلت مع أحداث ومناسبات الجمهور.
– قوّت علاقتها بالجمهور عبر محتوى البودكاست.
نستله المبتكرة
ركزت نستله عبر بودكاستها «Nestlé Health Science Podcast» على منصة Apple Podcasts بالعمل على تعزيز صورتها كقائد في مجال التغذية والصحة من خلال محتوى يوجّه الجمهور للاهتمام بصحته عبر اطلاعه على الابتكارات الغذائية باستضافة خبراء التغذية، الباحثين، والأطباء ومناقشتهم حول أحدث الدراسات والتطورات في مجال الصحة والتغذية وتأثيرها على جودة الحياة.
من خلال هذا البودكاست:
– عززت مكانتها كعلامة تجارية رائدة في المجال.
– قدمت محتوى تعليمي وموثوق.
– خلقت علاقة قوية مع المهنيين في مجال الصحة والتغذية.
– ركزت على الابتكارات والمنتجات الجديدة التي تقدمها.
– زادت الوعي حول كيفية تحسين جودة الحياة.
يقال: بالمثال يتضح المقال
بالأمثلة السابقة للعلامات التجارية التي نجحت في جعل البودكاست فرصة تسويقية ذكية، تتضح أبرز ما تدور حوله القواعد الذهبية لصناعة صوت بودكاست علامتك التجارية:
- التفرّد في الصوت
ابتكر أسلوبك الخاص الذي يعكس شخصية علامتك، مع ضمان أن يكون ممتعًا وجذابًا لجمهورك المستهدف، مثل المقابلات، أو الحلقات الفردية، أو المناقشات الجماعية وغيرها، مثل بودكاست نستله التي توسعت في هذه القاعدة ونوّعت في أساليبها.
اجعل من التحديات الكبيرة التي واجهتها علامتك دروسًا قابلة للتعليم والمشاركة مع الجمهور لخلق ارتباط عاطفي مع جمهورك وكسب دعمهم وولائهم، ويمكن أن نرى كيف أن بودكاست سيفورا ركز على هذه القاعدة الذهبية لتحقيق أهدافه.
- شبكة من العلاقات
ابنِ علاقات قوية مع كافة اهتمامات جمهورك لخلق شركاء تجاريين أو فرص عمل مستقبلية عبر قاعدتك الجماهيرية، مثل بودكاست ريد بول الذي صنع من نفسه منصة إعلامية عصرية وحيوية.
- التفاعل بشكل دائم
دع جمهورك يشعر بأنك معهم على نفس الموجة العصرية عبر التفاعل مع تساؤلاتهم بتقديم محتوى يلبّي رغباته لتظهر كرائد في مجالك مثل منصة سبوتيفاي.
ما الأرجح، تعزيز الولاء أم تضييق نطاق التواصل؟
رغم تمكّن العلامات التجارية من الوصول إلى جمهورها بطرق جديدة وأكثر تخصصًا عززت ارتباطهم بها وزاد من ولائهم. إلا أنها أدت إلى تضييق نطاق التواصل مع المجتمع بشكل عام، حيث يصبح المحتوى موجهًا بشكل أكبر نحو فئة محددة من المستمعين، مما قد يحد من انتشار الرسائل التسويقية على نطاق أوسع، ويجعل البودكاست سيفًا ذا حدين بحيث أنه يعزز ولاء وارتباط جمهور محدد، وفي نفس الوقت يقلل من تأثير الرسالة على فئة كبيرة من المجتمع، بل وقد لا يصل المحتوى إلى الفئات الأخرى من الجمهور القديم للعلامة.
ومن ناحية أخرى، يتوقع الجمهور في بودكاست العلامة التجارية ما اعتادت عليه منه، فإن خرج البودكاست عن المألوف ينسحب الجمهور على الفور، فإذا تحدثت نستله عن أخبار الفن أو التفاعل مع أحداث محلية وعالمية لا تتعلق بمجالها ستقابل رفضًا من الجمهور.
مفتاح ضمان النجاح
في الختام، يظهر البودكاست كأداة تسويقية قوية تعزز تواصل العلامات التجارية مع جمهورها وتبني علاقات أقوى معهم. ومع ذلك، قد يؤدي التركيز على فئة محددة إلى حصر التواصل دون التوسع، لذا فالنجاح في عالم البودكاست يعتمد على إيجاد التوازن بين تقديم محتوى متخصص يعكس هوية العلامة التجارية وبين الحفاظ على جاذبية المحتوى وشموليته، لتجسد صفتَي المرونة والتكيف مع توقعات الجمهور واللذان هما المفتاح لضمان تعزيز ولاء الجمهور وتوسيع قاعدة المتابعين.
المصادر
0 تعليقات