تم نشره أكتوبر 27, 2024
الفيديو القصير يقلب الموازين
في عالم الإنترنت أصبحت مقاطع الفيديو جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات التسويق الرقمي والتواصل الاجتماعي. تتنوع هذه المقاطع بين الفيديوهات القصيرة التي لا تتجاوز بضع ثوانٍ، والفيديوهات الطويلة التي قد تستمر لدقائق أو حتى ساعات. هذا التنوع يطرح سؤالًا مهمًا: أيهما أفضل؟ هل المشاهدون يفضلون مقاطع الفيديو القصيرة التي تقدم ترفيهًا سريعًا؟ أم أن الفيديوهات الطويلة التي تقدم معلومات متعمقة لها مكانها الخاص؟
في هذه التدوينة، سنتناول بعض المحاور التي تساعدنا في فهم الفرق بين الفيديوهات القصيرة والطويلة وكيفية استغلال كل منهما لتحقيق الأهداف التسويقية.
دوافع المشاهدة: هل تبحث عن الترفيه أم المعلومات المتعمّقة؟
يتحدد دافع المشاهدة بناءً على نوع المحتوى والغرض منه. الفيديوهات القصيرة مثل تلك التي نجدها على تيك توك أو انستقرام ريلز، تجذب المشاهدين الذين يبحثون عن ترفيه سريع وفوري، وتتلخص أهدافها في أنها:
- توفر تجربة ممتعة وسريعة في أقل من دقيقة.
- سهلة الاستخدام ويمكن مشاهدتها أثناء التنقل أو في فترات الراحة القصيرة.
- سهلة المشاركة وتنتشر بسرعة عبر المنصات المختلفة.
- مثالية للتفاعل السريع والترويج للعروض والخصومات.
على الجانب الآخر، الفيديوهات الطويلة مثل المتوفرة على يوتيوب أو منصات التعلم الإلكترونية تجذب أولئك الذين يسعون للحصول على معلومات مفصّلة وعميقة، وتكمن نقاط قوتها في:
- يمكن للمشاهد أن يستثمر وقتًا أطول لفهم موضوع معين أو تعلم مهارة جديدة.
- تقديم محتوى غني ومفصّل، مثل شرح قصص المنتجات.
- تتيح الفيديوهات الطويلة الفرصة لبناء قصة معقدة وجذابة بتفاصيلها.
- مثالية لتقديم دورات تدريبية، دروس، أو شروحات مفصلة.
أثر الفيديوهات القصيرة على عادات المشاهدة
غيّرت المنصات الجديدة مثل تيك توك والفيديوهات القصيرة كيفية استهلاك المحتوى وأثّرت بشكل كبير على مدة انتباه المشاهدين. وفقًا لدراسة أجرتها شركة “مايكروسوفت” في عام 2015، انخفضت مدة انتباه الإنسان من 12 ثانية في عام 2000 إلى 8 ثوانٍ في عام 2015، أي أقل من مدة انتباه السمكة ذهبية اللون!
وفي تقرير صدر عن “Statista” في عام 2023، تبيّن أن مستخدمي تيك توك يقضون في المتوسط 52 دقيقة يوميًا على المنصة، ولكن يتم استهلاك هذه الدقائق عبر مقاطع فيديو لا تتجاوز غالبًا 15 إلى 60 ثانية. هذا التوجه جعل المشاهدين أكثر تفضيلًا للمحتويات التي يمكنهم التفاعل معها بسرعة دون الحاجة إلى التزام زمني طويل.
ونظرًا لهذا التغيير انعكس ذلك حتى على طريقة استهلاك المحتوى التعليمي، حيث شهدت منصات مثل “Udemy“ و”Coursera” تحولًا نحو تقديم مقاطع تعليمية أقصر لجذب انتباه المتعلمين. على سبيل المثال، بدأت “Udemy” بتقديم مقاطع فيديو تعليمية مدتها تتراوح بين 5 إلى 10 دقائق بدلاً من الفيديوهات الطويلة التي كانت شائعة في السابق. هذه الخطوة جاءت استجابة للتوجه الجديد نحو الفيديوهات القصيرة، حيث أفادت المنصة أن المشتركين يميلون لإكمال الدورات القصيرة بنسبة أكبر مقارنةً بالدورات الطويلة.
استراتيجيات المحتوى الذكي: مزج النوعين لخدمة الأهداف
في عالم التسويق الرقمي الحديث، لا يمكن الاعتماد على نوع واحد فقط من الفيديوهات لتحقيق النجاح. بدلاً من ذلك، يُفضّل استخدام استراتيجية محتوى ذكية تعتمد على المزج بين الفيديوهات القصيرة والطويلة لتحقيق أهداف متعددة. هذه الاستراتيجية تتيح للشركات الاستفادة من مزايا كلا النوعين بطريقة تخدم احتياجات جمهورها المتنوع، سواء كانوا يبحثون عن الترفيه السريع أو المعلومات المتعمقة.
كيفية المزج بين الفيديوهات القصيرة والطويلة:
إشعال الفضول ثم توصيل المضمون
في هذه الطريقة يمكن استخدام الفيديوهات القصيرة، التي لا تتعدى مدتها عادةً بضع ثوانٍ إلى دقيقة، لجذب الانتباه بسرعة وتوليد الفضول من خلال تقديم فكرة جذابة أو رسالة مختصرة، مما يدفع المشاهدين إلى الرغبة في معرفة المزيد. بمجرد جذب انتباه الجمهور، يتم توجيههم إلى فيديوهات أطول تقدم معلومات مفصلة وشاملة مثل توضيح تفاصيل المنتج، تقديم دروس أو شروحات تعليمية، أو سرد قصص متكاملة أو عرض الفيديو الإعلاني بشكل كامل.
تنويع القنوات وتوسيع النطاق
يفترض على الشركات استخدام استراتيجيات متعددة القنوات لتوزيع الفيديوهات القصيرة والطويلة بحيث تناسب جمهور وخصائص كل منصة. مثلاً يمكن استخدام تيك توك وإنستقرام لنشر الفيديوهات القصيرة، بينما تستخدم يوتيوب ومواقع الشركة الرسمية لنشر الفيديوهات الطويلة.
التسويق القصصي والموسيقي
القصص هي المفتاح لجذب الجمهور. يمكن استخدام الفيديوهات القصيرة مع الأصوات والموسيقى المؤثرة لتقديم بداية مثيرة للقصة، بينما تُستخدم الفيديوهات الطويلة لتقديم التفاصيل والمعلومات المكمّلة.
التفاعل مع الجمهور
التفاعل مع المشاهدين خلال الفيديوهات القصيرة والطويلة يعزز الولاء للعلامة التجارية. يمكن استخدام ميزات مثل التعليقات، والإعجابات، والمشاركة المباشرة، خاصة في الفيديوهات القصيرة، لدفع المشاهدين إلى الانتقال إلى الفيديوهات الطويلة.
إذن، ما هي الطريقة الذكية لسرد قصص تسويقية مؤثرة بالفيديو
حددّ الرسالة الأساسية:
- سواء كنت تستخدم فيديو قصيرًا أو طويلًا، اجعل رسالتك الأساسية واضحة. ركّز في الفيديوهات القصيرة على نقطة واحدة أو فكرة رئيسية، بينما في الفيديوهات الطويلة، توسّع في جوانب القصة المختلفة.
مثال: إذا كانت الرسالة هي “العمل الجماعي يؤدي إلى النجاح”، في فيديو قصير يمكنك إظهار لحظة حاسمة تعكس هذا المفهوم، بينما في فيديو طويل يمكنك سرد القصة كاملة عن فريق تغلب على تحديات للوصول إلى هدفه.
اختر البداية المثيرة والمشوقة:
- في الفيديوهات القصيرة، يجب أن تبدأ القصة بلقطة تجذب الانتباه فورًا لأنك تملك ثوانٍ قليلة لإثارة اهتمام المشاهد. أما في الفيديوهات الطويلة، يمكنك تخصيص مزيدًا من الوقت لبناء الأحداث تدريجيًا.
مثال: في فيديو قصير لإعلان منتج، يمكن البدء بلقطة مذهلة أو موقف مثير للاهتمام. في فيديو طويل، يمكن البدء بقصة خلفية تؤسس للسياق الأكبر.
دغدغ العواطف:
- القصص المؤثرة تعتمد بشكل كبير على العواطف. يمكن للفيديوهات القصيرة أن تركز على لحظات محددة تثير العاطفة مثل الفرح، الحزن، أو الدهشة. بينما توفر الفيديوهات الطويلة مساحة أكبر لتعميق التفاعل العاطفي مع الجمهور وحكاية القصة بشكل أطول.
مثال: إعلان تبرع يطرق الباب في مشروعنا مع المنصة الوطنية للتبرعات.
جزّء القصة وقسّمها حسب الجمهور:
- يمكن أن تكون القصة موجهة لجمهور مختلف من خلال استخدام فيديوهات قصيرة تجذب فئات متنوعة وعلى منصات مختلفة، ثم فيديو أطول يشرح القصة بالكامل. هذا يتيح للشركات استهداف شريحة أوسع من الجمهور والوصول لكل المنصات.
مثال: فيديو قصير على تيك توك يجذب جمهور الشباب حول منتج رياضي، يليه فيديو طويل يشرح فوائد المنتج ومواصفاته بشكل مفصّل على يوتيوب لجمهور متخصص بالمجال أو من خلال مؤثر يشرح مواصفات المنتج وطريقة استخدامه.
وظّف العنصر البشري
- حاول أن تجعل الفيديو سهل الوصول للجمهور من خلال استخدام شخص بشري في بناء المحتوى وإيصاله، حيث أن وجود شخص بشري في الفيديو التسويقي يمكن أن يكون العامل الحاسم في زيادة التفاعل مع جمهورك. أثبتت الدراسات أن الناس ينجذبون أكثر للمحتوى الذي يحتوي على أشخاص حقيقيين، لأن ذلك يخلق رابطًا عاطفيًا ويساهم في بناء الثقة.
أفادت شركة Wyzowl أن 66% من الناس يفضّلون مشاهدة فيديو يحتوي على أشخاص لأنهم يشعرون أن المحتوى أكثر واقعية وإنسانية. عندما يرى المشاهد شخصًا يروي قصة أو يشرح منتجًا، فإنه يتفاعل بشكل أكبر لأنه يرى المشاعر والتفاعل البشري، وهذا يعزز الارتباط بالعلامة التجارية.
في التسويق يدفعنا ذلك دومًا على صناعة محتويات سريعة وقصيرة تتناسب مع أنماط حياتنا السريعة، مع تبنّي أساليب جديدة في تقديم المعلومات والترفيه، أي إعادة تشكيل عادات المشاهدة بشكل كامل لدى الفئات المستهدفة.
المصادر:
0 تعليقات