تم نشره ديسمبر 25, 2024
مهارة التسويق الوحيدة التي ستغير حياتك
.
دخل ناصر إلى عالم التسويق قبل بضع سنوات بخطط واضحة وخبرة ومعرفة قوية بكل استراتيجيات التسويق الفعالة، ثم بدأ بتطبيق ما تعلّمه بحماس وشغف، وحقق بعض النجاحات، لكن بمرور الوقت بدأت الأمور تتغير، فالخطط السابقة لم تعد تعطي نفس النتائج والنجاح والحملات لم تعد مجدية، وجد نفسه أمام جمهور مختلف، احتياجاتهم تبدو غريبة، وسلوكياتهم لم تعد كما كانت.
في هذه اللحظة، أدرك ناصر أن المهارات التي أتقنها لم تعد كافية. ثم جاءه الدرس الأعظم: مهارة التكيّف. نعم، التكيّف هو المفتاح الحقيقي للتسويق الناجح، فهو يتيح للمسوقيّن المرونة اللازمة للتفاعل مع التغيرات السريعة وتجاوز التحديات الجديدة. حين تبدأ في تطوير مهارة التكيف، تجد نفسك قادرًا على مواكبة أي تطور، وعلى تقديم استراتيجيات ملهمة وجذابة، مهما كانت المتغيرات.
في هذه التدوينة، سنستعرض كيف يمكن لمهارة التكيّف أن تغير حياتك التسويقية تمامًا، ولماذا يُعتبر التكيّف هو المهارة الأهم التي يجب أن يتقنها كل مسوّق طموح.
.
لماذا التكيّف هو السر؟
يمنح التكيّف المسوّق القدرة على البقاء في دائرة النجاح وسط عالم يتغير بسرعة خاصةً مثل مجال التسويق. تخيّل نفسك في بحر من التغيرات التكنولوجية والسلوكية، حيث يتغير الجمهور واحتياجاته باستمرار، وتظهر اتجاهات جديدة كل يوم. في مثل هذا المجال لا يمكن الاعتماد فقط على استراتيجيات تقليدية، بل يحتاج المسوّق إلى مهارة فريدة تمكّنه من فهم هذه التغيرات وتكييف أساليبه سريعًا لمواكبتها.
يُعد التكيف في التسويق هو القدرة على قراءة هذه التحولات، والاستجابة بمرونة وابتكار. سواء كان ذلك من خلال تغيير نبرة الرسائل، أو اعتماد تقنيات جديدة في الوصول للجمهور، أو حتى تعديل وإعادة توجيه للاستراتيجية التسويقية، فإن التكيف يتيح للمسوّق أن يكون دائمًا في مكانه الصحيح وفي الوقت المناسب، ويظل مرتبطًا بجمهوره مهما كانت المتغيرات.
من أهم فوائد هذه المهارة:
1.البقاء على صلة بالعملاء المتغيرين
سلوكيات العملاء اليوم ليست ثابتة؛ فهم يتأثرون بتغيرات التكنولوجيا وأوضاع السوق والتوجهات الاجتماعية. أظهرت الدراسات أن 73% من المستهلكين يغيّرون تفضيلاتهم بمرور الوقت، وهو ما يعني أن الاستراتيجيات الثابتة قد تفقد تأثيرها سريعًا. التكيف يساعد الشركات على تعديل حملاتها واستراتيجياتها لتتناسب مع توقعات الجمهور وتغيرات السوق، ما يُبقي العلامة التجارية ذات صلة وحضور.
مثال:
في عام 2020، بعد انتشار جائحة كورونا، لاحظت الشركات أن سلوك المستهلكين أصبح أكثر اعتمادًا على التسوّق عبر الإنترنت، مما دفع 78% من الشركات إلى إعادة توجيه استثماراتها نحو القنوات الرقمية. تلك الشركات التي تأقلمت بسرعة حققت زيادة في مبيعاتها بنسبة 30% مقارنةً بتلك التي تأخرت في تعديل استراتيجياتها.
2. الاستفادة من الاتجاهات الجديدة في التسويق
الاتجاهات الجديدة في السوق تأتي وتذهب بسرعة، ولكن المسوّق الذي يمتلك مهارة التكيف يمكنه استغلال هذه الاتجاهات لصالحه قبل فوات الأوان. المسوّق المتكيف يراقب التوجهات ويكون جاهزًا لتجربتها أو تعديل استراتيجيته بما يتماشى معها.
مثال:
عندما انتشرت شعبية الفيديوهات القصيرة، مثلما حدث في منصة تيك توك، كان المسوّقون الذين تأقلموا مبكرًا مع هذه الصيغة قادرين على استقطاب جمهور أكبر. تشير الأرقام إلى أن 67% من الشركات التي استثمرت في محتوى الفيديو القصير شهدت زيادة في تفاعل الجمهور ونسب المشاهدة، مما أدى إلى رفع معدل التفاعل بنسبة 120%.
3. تحقيق ميزة تنافسية
القدرة على التكيف تمنح الشركات ميزة تنافسية قوية، حيث تكون دائمًا في مقدمة السوق وجاهزة لمواجهة المنافسين. هذا يعني القدرة على استباق التحولات ومواجهة التحديات بحلول مبتكرة، مما يعزز من قوة العلامة التجارية.
مثال:
عندما بدأت تطبيقات مثل كلوب هاوس بالانتشار كمنصات صوتية تفاعلية، سارع العديد من المسوّقين إلى تبنّي أساليب ترويجية عبر المنصة. الشركات التي تبنّت هذه التوجه مبكرًا استطاعت الوصول إلى جمهور جديد وزيادة معدلات التفاعل، ما أكسبها نقاط قوة إضافية أمام المنافسين.
4. زيادة الفعالية في استراتيجيات التسويق
التكيف ليس فقط عن التعامل مع التغيرات، بل هو أيضًا وسيلة لتحسين الكفاءة التشغيلية. باستخدام التحليلات والبيانات، يمكن للمسوّقين معرفة ما ينجح وما لا ينجح، والتكيف وفقًا لذلك لتحقيق نتائج أفضل.
مثال:
وفقًا لدراسة أجرتها “هارفارد بيزنس ريفيو”، الشركات التي تقوم بتكييف استراتيجياتها التسويقية بناءً على بيانات وتحليلات السوق تشهد تحسينات في الأداء تصل إلى 50% في حملاتها التسويقية.
5. تحقيق عائد استثمار أعلى
الاستثمار في التكيف يحقق نتائج مالية قوية، حيث تساعد هذه المهارة في استغلال الفرص المناسبة وتجنب الهدر. يشير تقرير صادر عن “ماكينزي” إلى أن الشركات التي تعتمد على التكيف وتستجيب بسرعة للسوق تحقق نموًا في الإيرادات بنسبة 25% أعلى من منافسيها الذين يفتقرون لهذه المهارة.
التكيف في التسويق ليس رفاهية بل ضرورة حتمية، حيث يتيح للشركات الحفاظ على مكانتها ومواكبة احتياجات عملائها المتغيرة باستمرار. التكيف هو ما يميز المسوّقين الذين يعرفون كيف يوجهون علاماتهم التجارية نحو النجاح والازدهار، بغض النظر عن التحديات والتحولات.
.
كيف تحافظ على هذه المهارة وتطورها؟
تخيّل أنك تجلس أمام فريقك وتدير حملة تسويقية، وفجأة تظهر منصة جديدة أو يتغيّر سلوك جمهورك بشكل غير متوقع. قد تشعر بالتوتر، لكنك تعلم أن القدرة على التكيف هي المفتاح.
إليك بعض الخطوات التي يمكنك البدء بتطبيقها اليوم لتطوير مهارة التكيف في التسويق والتعامل مع أي مفاجآت.
1. كن صديقًا لجمهورك
فكّر في الأمر كأنك تستمع لصديق مقرّب. تخصيص وقت يومي لمتابعة ردود أفعال الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يمنحك نظرة عميقة على ما يحتاجونه وما يتطلعون إليه.
قصة صغيرة: يوميًا، تقوم شركات مثل “كوكاكولا” بمتابعة تفاعل الجمهور مع منتجاتها لتتأكد من أن نكهتها الجديدة تلقى إعجابهم. الأمر بسيط، فقط 15 دقيقة يوميًا على شبكات التواصل الاجتماعي تكفي لإدراك ماذا يريد جمهورك اليوم.
2. طبّق مبدأ “استعد دائمًا للمفاجآت”
اسأل نفسك: “ماذا لو حدث تغيير في اتجاه السوق؟”. دائمًا كن على استعداد لتغيير الاتجاه وإعادة التفكير في خططك. تخيّل لو كانت استراتيجيتك الحالية عبارة عن خريطة، وإذا تغيّر الطريق، عليك أن تجد مسارًا آخر للوصول.
نصيحة سريعة: في بداية كل أسبوع، قم بمراجعة آخر التوجهات في مجال التسويق واسأل نفسك كيف يمكن أن تؤثر على خططك. تعامل معها كأنك تلعب لعبة شطرنج، حيث تتحرك وفقًا لحركة خصمك.
3. تحدى منطقة الراحة
جرّب أساليب جديدة، واستخدم قنوات تسويقية لم تجربها من قبل. مثلما يفعل الطُهاة عند إضافة مكونات جديدة للوصفات، أضف لمسات جديدة لحملاتك، جرّب أنواع مختلفة من المحتوى، نوّع في التصاميم وغيّر طريقة الاستهداف. إذا كنت مثلاً تركز في حملاتك السابقة على إعلانات جوجل، جرّب إعلانات تيك توك، فقد تجد تفاعلًا هائلًا من جمهور جديد بالكامل.
4. تعلّم أن تحب الأرقام
الأرقام هي أفضل صديق لك في هذا المجال. استخدم البيانات للتحقق مما ينجح وما لا ينجح. تخيل لو كانت الأرقام مثل إشارات المرور التي ترشدك في حملتك.
مثال : عندما بدأت “نتفلكس” في استخدام التحليلات لفهم اهتمامات جمهورها، تمكنت من اقتراح الأفلام والمسلسلات بدقة بحيث تناسب اهتمامات كل شخص، مما رفع من مستوى التفاعل بشكل كبير. استخدم أدوات مثل Google Analytics واطلع على أداء محتواك يوميًا.
5. استمر بالتعّلم
خصص وقتًا لتتعلم شيئًا جديدًا كل أسبوع، سواء من مقال، بودكاست، أو حتى فيديو قصير. كأنك تمارس الرياضة لعقلك، لأن التسويق اليوم مختلف عن الأمس ويتطلب المتابعة المستمرة لما يحصل في المجال.
موارد تعليمية مفيدة: جرّب مواقع مثل HubSpot و MarketingProfs. ومنصات مثل Linkedin learning ومنصة Domestika هذه المنصات مليئة بمقالات ودورات سريعة تجعلك مواكبًا لكل جديد.
6. ابنِ شبكة علاقات مع المسوّقين
التواصل مع مسوّقين آخرين يمنحك فرصًا للتعلم من تجاربهم وأفكارهم. تخيّل أنك تجمع خبرات متعددة في مكان واحد. حضور فعاليات، أو مجرد دردشة مع زميل قد تقدم لك حلولًا لمواقف غير متوقعة.
حاول أن تكون متواجدًا في أبرز فعاليات التسويق المحلية مثل المهرجان السعودي للإبداع، يوم عرب ستوك، فعاليات رقميون وجمعيات التسويق وغيرها لتكون دومًا على اتصال مع العاملين بالمجال.
وأخيرًا لا تخف من الأخطاء، كل تجربة جديدة حتى لو لم تكن مثالية، هي خطوة للأمام. افهم الأخطاء وتعلّم منها، وكأنك تحل لغزًا بطريقة التجربة والخطأ. وتأكد أن تطوير مهارة التكيف ليس أمرًا يحدث بين ليلة وضحاها، بل هو عملية مستمرة. استمر في التجربة، التعلم، والمراقبة. التكيف هو ما سيجعلك على استعداد لأي تغيرات مفاجئة، ويمنحك المرونة لتكون دائمًا على رأس اللعبة في التسويق.
المصادر:
0 تعليقات