تم نشره أكتوبر 23, 2023
كيف أصبحت العلامات التجارية تتواصل معنا؟
كيف أصبحت العلامات التجارية تتواصل معنا؟
كم مرة كنت في مكان، وقابلت على الجهة الأخرى منك طفلًا فلوّح إليك يديه بابتسامة، لتنشأ بينكما لغة تواصل خاصة.
ما حصل هنا أن غريزة التواصل فيك ظهرت على شكل إشارات. هذه الإشارات قد تكون لفظية، غير لفظية، أو حتى مكتوبة، كإشارة الاعتذار التي قد تكون صغتها في رسالةٍ مهذبة إلى المسكين الذي رسمت على سيارته خطًا متعرجًا!
التواصل غريزة بشرية
الإنسان كائن اجتماعي بفطرته، قادته غريزته الاجتماعية المُلحّة إلى التواصل مع الآخر والتعرّف عليه. كان التواصل الأداة الأساسية التي أثّرت في تطور المجتمعات الإنسانية، فمن خلاله استطاع الإنسان نقل معارفه وخبراته إلى سلسلة متتابعة من بني جنسه، فما نحن عليه الآن وما سنتوصل إليه، نتيجة رحلة متراكمة من التواصل بدأت منذ عصر إنسان الكهف.
التواصل هو رسالة بحد ذاته
كل تواصل سواء كان منطوقًا أو مكتوبًا يستلزم وجود مُرسل ومستقبل، ومهما تعددت قوالبه فهو في الأساس رسالة. اختلفت أنواع الرسائل وأهدافها على مر الأزمان، فهناك الرسائل الدبلوماسية على الصعيد الدولي، والرسائل العاطفية على الصعيد الشخصي والرسائل التواصلية المنطقية.
الرسائل بين الدول
بدأ الاهتمام بالرسائل في الإسلام منذ بداياته، فكانت الرسائل وسيلة أساسية لنشر الدعوة بين مختلف أنحاء العالم، ثم أصبحت أداة تبني جسور التواصل بين مختلف الأقطار الإسلامية وتراقب أحوالها بعد توسّعها. نتيجةً لذلك، أولى المسلمون اهتمامًا كبيرًا بالبريد وجميع جوانبه.
استمرت الرسائل الرسمية في تحقيق أهدافها الدبلوماسية سواء بين الدول أو بين الدولة ومؤسساتها حتى يومنا.
الرسائل بين الشعوب
بعيدًا عن الرسائل الرسمية، هناك الرسائل الشخصية التي كان لها دور لا يُخفى في تخفيف وجع الغربة عن الأهل، وإطفاء نار الشوق بين العاشقين. غسّان كنفاني كان يحاول إيصال شعوره لغادة السمّان مستخدمًا الرسالة أداته الوحيدة، ومي زيادة كانت تنتظر رسائل جبران خليل جبران بحُرقةٍ وشوق جامح. من جهةٍ أخرى، تساءل الشاعر بدر بن عبدالمحسن بتعجبٍ واستنكار في قصيدته “الرسايل”: “لا تردين الرسايل ويش أسوي بالورق؟!”، وغيرها من الرسائل التي أصبح لها نوع خاص في الأدب يُعرف بأدب الرسائل.
مهما اختلف النوع، فالرسائل التي لطالما وصلت إلى صناديق بريدنا كانت تُرسل من إنسان إلى إنسانٍ آخر، لكن منذ ظهور التسويق أصبح هناك كيانًا آخر يراسلنا ويحاول الوصول إلى صندوق بريدنا الخاص!
حتى العلامات التجارية تريد التواصل معنا
لأن التواصل غريزة فينا كما ذكرنا، وبه تتأثر ردود أفعالنا وتصرفاتنا لما يحمله من بُعد إنساني عميق، استغلت الشركات عنصر التواصل من خلال الأداة ذاتها، الرسائل. أصبحت الشركات تؤنسن علاماتها التجارية وتصيغ لها رسائل ترسلها إلينا لتُسوّق لنا منتجاتها وخدماتها، فكل رسالة تسويقية تحمل الشعور والقيم التي تريد أي علامة تجارية إيصالها لجمهورها لتعرّفهم عنها على مستوى إنساني وعاطفي أكثر.
علامات تجارية لامست عاطفتنا من خلال رسائلها
دوڤ والجمال
شركة دوڤ على سبيل المثال تتواصل مع جمهورها بناءً على رسالةٍ أساسها تقدير الذات، حتى استطاعت أن تلامس مشاعر الجمهور وتروّج لهم منتجاتها من خلال قيمة وشعور يرغبون في الوصول إليه.
في آخر حملاتها على قنوات التواصل الاجتماعي (LetsChangeBeauty#)، تصيغ دوڤ رسالتها حول إعادة تعريف الجمال كالتالي:
“دوڤ تدافع عن الجمال الحقيقي المتنوع وتسعى لجعل الجمال تجربة إيجابية للجميع”
سبوتيفاي يفهمنا
تطبيق الموسيقى الشهير “سبوتيفاي” يتفاعل مع جمهوره برسالة: “يُسهّل سبوتيفاي الوصول إلى الموسيقى أو البودكاست المناسب في أي لحظة.”، ويلخّصها في جملةٍ واحدة: “موسيقى لكل جو”، لأنه يعي بأن مستخدميه من مختلف أنحاء العالم ويستمعون إلى أنواع مختلفة من الموسيقى.
ستاربكس ليس مجرد قهوة
ستاربكس ورسالته التسويقية إلينا لم تخبرنا أنه مكان لبيع القهوة، لأن هذا ما نعرفه أصلًا عنه، بدلًا من ذلك صاغ القيم التي تركز على الكوكب والاهتمام بالبيئة وجعل العالم مكانًا أفضل. وهذا ينعكس على مبادراتها التي من ضمنها “برنامج الأكواب المصنوعة من مواد قابلة لإعادة التدوير”.
أهمية صياغة الرسائل التسويقية
كل استثماراتك في بناء علامتك التجارية وتحسين منتجاتها وخدماتها ستكون بلا قيمة إن لم يعرف عميلك هدف علامتك التجارية وقيمها، ولن يتم هذا إلا من خلال رسائل تُسوّق لعلامتك وترسّخ أثرها في أذهان عملائك.
لذا، نعي في مشبك أهمية الرسائل في بناء جسور التواصل مع عملائك ومشاركتهم القيم التي يؤمنون بها وذلك من خلال استراتيجية تراعي الجمهور وتحدد اهتماماته وتدرس سلوكه.
باختصار، أهم نقطة في صياغة الرسائل التسويقية
لصياغة رسالة تسويقية قوية تعكس قيم علامتك التجارية وتخلق حلقة الوصل بينها وبين الجمهور، فإن الجمهور نفسه هو نقطة البداية لكل رسائلك، ولا يكفي فقط أن تعرف جمهورك، بل أن تدرسه وتحدد صفاته واهتماماته وتفهم معاناته ثم تحدد القيمة التي تمثل نقطة الالتقاء بينه وبين علامتك التجارية، بعد هذا كله، تستطيع صياغة الرسائل التسويقية.
المراجع
التواصل, الرسائل التسويقية, العلامات التجارية, الهوية, مشبك, منتجات
0 تعليقات