تم نشره ديسمبر 1, 2024
استراتيجيات الوصول إلى جمهور الجيمرز
تخيل أنك تجلس في مقهى أو استراحة محاطًا بأصدقائك، وكل منهم مشغول بجهازه، يلعب أو يشاهد بثًا مباشرًا لمؤثر في عالم الألعاب. هذا هو المشهد اليومي للكثير من الشباب، حيث الألعاب لم تعد مجرد وسيلة للترفيه بل جزءًا من هويتهم واهتماماتهم اليومية.
وبينما يستمتع اللاعبون بتجربتهم، تبدأ العلامات التجارية الذكية في بناء جسور من الثقة والانتماء مع هذا الجمهور الشاب. كمسوّق، دخولك إلى هذا العالم يعني أنك تعبر إلى دائرة خاصة مليئة بالحماس والتفاعل. وعندما تدمج علامتك التجارية في تجربة اللعبة، فأنت لا تعرض منتجًا فقط، بل تخلق تجربة يشعر بها الجمهور وكأنها جزء من عالمهم الخاص.
تاريخ الألعاب والتسويق
بدأ استخدام الألعاب الإلكترونية كأداة تسويقية منذ أواخر القرن العشرين، عندما بدأت الشركات تدرك قوة الألعاب كوسيلة لجذب الانتباه وبناء الوعي بالعلامة التجارية. في البداية، كانت الإعلانات بسيطة مثل اللافتات الرقمية في الألعاب الرياضية. ومع التطور التقني، توسعت هذه الاستراتيجيات لتشمل أساليب مبتكرة مثل الشراكات مع مطوري الألعاب وإدماج المنتجات داخل اللعب نفسه.
على سبيل المثال، في عام 2008، استخدمت شركة نيسان لعبة Need for Speed لعرض سياراتها الجديدة، مما سمح للاعبين تجربة القيادة الافتراضية لسياراتهم قبل إطلاقها في الأسواق. كما أظهر تقرير حديث من شركة Newzoo أن الإنفاق العالمي على الإعلانات داخل الألعاب تجاوز 56 مليار دولار في عام 2023، مما يؤكد أن هذا المجال أصبح جزءًا مهمًا من الاستراتيجيات التسويقية الحديثة.
كذلك لعبة فورتنايت الشهيرة التي أصبحت منصة للتعاونات التسويقية الكبيرة مثل تعاونها مع مارفل ونايكي، حيث تمكنت من زيادة تفاعل المستخدمين بنسبة 40% خلال أحداث التعاون.
ما هي أنواع الإعلانات داخل الألعاب؟
تطورت استراتيجيات التسويق في الألعاب بشكل ملحوظ في العقدين الماضيين، وتمثلت في عدة ممارسات متميزة:
- الإعلانات داخل اللعبة (In-Game Advertising): حيث تُعرَض الإعلانات بشكل مباشر داخل بيئة اللعبة. مثال على ذلك هو التعاون بين كوكاكولا واللعبة الشهيرة FIFA، حيث تظهر شعارات العلامة التجارية على اللوحات الإعلانية في الملاعب الافتراضية.
- التعاون مع المؤثرين في عالم الألعاب: استفادت الشركات من شعبية اللاعبين والمؤثرين حيث يُرَوَّج للمنتجات من خلال بثوثهم المباشرة ومقاطع الفيديو. على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أن الشراكة مع مؤثرين مثل PewDiePie عززت من مبيعات بعض المنتجات بنسبة تصل إلى 30%.
- إنشاء ألعاب مخصصة للترويج للعلامة التجارية: بعض الشركات قامت بتطوير ألعاب خاصة بها تهدف إلى الترويج لمنتجاتها بشكل مباشر، مثل لعبة Burger King التي أطلقتها في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لتعزيز علامتها التجارية بين الشباب.
لماذا يجب على المسوقين في السعودية التفكير في الألعاب كمنصة إعلانية؟
1. الوصول إلى جمهور شاب وحيوي
تعتبر السعودية من الدول التي تضم نسبة عالية من الشباب، لذا تعد الألعاب وسيلة فعالة للوصول إلى هذا الجمهور الذي يفضّل التفاعل والتجارب الرقمية. حيث شهدت السجلات التجارية لنشاط تطوير الألعاب الإلكترونية في السعودية نموًا بنسبة 59% في الربع الأول من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وبلغ عدد السجلات 4,371 سجلًا تجاريًا لشركات متخصصة في الألعاب الإلكترونية.
2. التفاعل والمشاركة العميقة
اللاعبون في السعودية ليسوا مجرد مستهلكين، بل هم جزء من مجتمع يتفاعل مع محتوى الألعاب ويشارك في تجاربها. هذا يتيح للمسوقين إدماج العلامة التجارية بطرق مبتكرة، مثل الإعلان داخل اللعبة أو الشراكات مع مطوري الألعاب، مما يعزز من شعور اللاعبين بالانتماء للعلامة التجارية.
3. التسويق المستهدف بدقة
من خلال منصات الألعاب، يمكن للمسوقين الوصول إلى بيانات دقيقة عن اللاعبين مثل العمر، والاهتمامات، وأنماط اللعب. هذا يتيح استهداف الفئة الشابة بشكل فعال من خلال محتوى يناسب تفضيلاتهم ويجذب انتباههم. فمثلًا، يمكن تصميم حملات تركز على الألعاب الشعبية بين الشباب السعودي مثل FIFA أو Call of Duty لتحقيق تأثير أكبر.
4. الابتكار والإبداع في الترويج
البيئة الرقمية الغنية التي توفرها الألعاب تتيح للمسوقين ابتكار تجارب ترويجية غير تقليدية. من أمثلة ذلك التعاون مع مطوّري الألعاب لإضافة عناصر من العلامة التجارية داخل اللعبة، أو حتى إنشاء تجارب تفاعلية تجمع بين الواقع الافتراضي والألعاب. هذه الأساليب تُحدث تأثيرًا أكبر مقارنة بالأساليب التقليدية.
5. دعم المؤثرين في مجتمع الألعاب
في السعودية، يحظى المؤثرون في مجال الألعاب بشعبية كبيرة على منصات مثل YouTube و Twitch، حيث يتابعهم ملايين الشباب والشابات. التعاون مع هؤلاء المؤثرين يمكن أن يساعد العلامات التجارية في الوصول إلى جمهور واسع وبناء مصداقية عالية، من خلال تقديم المنتجات أو الخدمات بشكل طبيعي خلال جلسات اللعب أو البث المباشر.
6. إحصائيات تثبت قوة الألعاب كمنصة تسويقية
تشير تقارير حديثة إلى أن الإنفاق على الألعاب في المملكة وصل إلى مستويات قياسية، مع زيادة في عدد اللاعبين تصل إلى أكثر من 21 مليون لاعب في 2023. كما أظهرت دراسة أن 70% من الشباب يتذكرون العلامات التجارية التي ظهرت في الألعاب التي يلعبونها، مما يؤكد فعالية هذه الاستراتيجية التسويقية.
كيف تستفيد من الألعاب كمسوّق؟
في البداية تأكد أن التسويق من خلال الألعاب يناسب التوجه الاستراتيجي لعلامتك التجارية بحيث تصبح جزءًا من تجربة الألعاب، ويعزز من ولاء جمهورك وارتباطهم بها. ننصحك باتباع الخطوات التالية:
اختر اللعبة المناسبة للتوجه الاستراتيجي لعلامتك التجارية ولجمهورك المستهدف.
ادمج إعلاناتك بسلاسة مع تجربة اللعب: بحيث تصبح جزءًا متكاملاً من تجربة اللعب، وليست مجرد عناصر مزعجة تشتت انتباه اللاعبين.
استفد من التكنولوجيا المتطورة: استخدم تقنيات مثل الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) لتعزيز تجربة المستخدم وخلق تفاعل أكبر مع علامتك التجارية.
تعاون مع المؤثرين في مجتمع الألعاب: هذا التعاون يساعدك على بناء مصداقية لعلامتك التجارية وزيادة انتشارها.
استخدم أدوات التحليل لفهم سلوك اللاعبين: استنادًا إلى هذه البيانات، يمكنك اتخاذ قرارات مبنية على الفهم العميق لاحتياجات الجمهور وتفضيلاتهم.
في النهاية، التسويق من خلال الألعاب هو أكثر من مجرد استراتيجية؛ إنه دعوة للمشاركة في شغف واهتمام الجيل الجديد، ليكونوا جزءًا من رحلة علامتك التجارية ويشعروا بأنهم شركاء فيها، وليسوا مجرد مستهلكين.
المصادر:
0 تعليقات