Meshbak

رحلة كبار السن في التسويق الرقمي: تحديات وحلول عملية لنمو علامتك التجارية

10/11/2025
في :التسويقالتسويق الرقميالعلامة التجارية

هل سبق ولاحظت أن الحملات الإعلانية عندنا تركّز على فئة الشباب فقط؟

بالرغم من أن كبار السن يمثلون جزء أساسي من حياتنا اليومية، فأن عدد الحملات التي تستهدف كبار السن كفئة أساسية قليلة جداً! والواقع يقول: كثير من كبار السن أصبحوا رقميين أكثر من الشباب.

والدتك تحفظ مقاطع الطبخ وتشارك في مجموعات الواتساب، ووالدك يرسل صور القهوة كل صباح، وجدّتك تعلمت تطلب مقاضي البيت من التطبيقات؛ الجميع يتواصل أكثر من السابق، وصار الاحتياج للتقنيات أكبر مع تسهيلها للحياة بدل تعقيدها.

ومع تقدّم العمر، نلاحظ تغيّر احتياجاتهم واهتماماتهم، وبحثهم عن الخدمة الأسهل، الخط الأكبر، والخطوات الأوضح، والإحساس بأن التطبيق أو الخدمة “فاهمتهم”. وهنا تجي الفرصة الذهبية للعلامات التجارية: إذا تمكنت من فهم كبار السن وبنيت تجربة بسيطة، وإنسانية، وتراعي مشاعرهم؛ تكسب ولاء يمتد لسنوات.

التحدي الحقيقي لا يتمحور حول إقناع كبار السن باستخدام التقنية، التحدي اليوم في تمكّنك من تصميم تجربة رقمية تشبههم: واضحة، سلسلة بدون أي تعقيد.

الرمح من أول ركزة: التسويق لكبار السن

يختلف كبار السن اليوم عن الصورة النمطية القديمة التي اعتدنا عليها، جيل اليوم من كبار السن أكثر وعيًا واستقلالية، وكثير منهم يتمتع بتعليم عالٍ وخبرة طويلة في العمل والتجارب الحياتية، بالإضافة إلى قدرة شرائية قوية تجعلهم من الفئات المؤثرة اقتصاديًا. لذلك، من المهم أن تولي العلامات التجارية اهتمامًا خاصًا بهم عند تصميم منتجاتها وتجاربها التسويقية.

لكن لضمان التواصل الفعّال معهم، يجب أولًا فهم ما يهمهم وما يقلقهم وما يجذب انتباههم في العالم الرقمي، وهو ما يمكن تلخيصه في ثلاث نقاط أساسية:

الصدق: لا يحبون المبالغة في المحتوى أو الوعود غير الواقعية أو الحملات المبهمة التي تصعّب عليهم فهم الفائدة الحقيقية من المنتج أو الخدمة.

البساطة: يفضلون ويميلون أكثر للتجارب السهلة البعيدة عن التعقيد، التي لا تتطلب مجهودًا تقنيًا كبيرًا، سواء في تصفح المواقع أو استخدام التطبيقات.

القيمة الشخصية: تجذبهم القصص العائلية والنصائح الصحية والمحتوى الذي يساعدهم على تسهيل حياتهم اليومية، سواء عبر تبسيط المهام الرقمية أو تزويدهم بمعلومات عملية.

من المهم معرفة أن هذه الفئة لا تندرج تحت إطار محدد، ففهم التوجهات والاهتمامات لكبار السن وحده لا يكفي، هناك عقبات أخرى تقنية ونفسية لا تزال تُعيق تفاعل كبار السن مع العالم الرقمي، فالبعض نشط رقميًا ومحب للتقنية، والبعض الآخر يفضّل الوسائل التقليدية كالهاتف أو اللقاءات المباشرة، وهنا يأتي التحدي الأكبر؛ وكعلامات تجارية لديها بيانات ومعلومات تساعدها من معرفة ومعالجة نقاط الألم عند الجمهور المستهدف، يمكننا أن ننطلق برؤية واضحة ونصمم حملات تسويقية تناسبهم وتلبي احتياجاتهم، مما يجعل التواصل معهم أسهل وأكثر تأثيرًا.

تحديات التسويق لكبار السن: الحواجز الرقمية والنفسية

من أبرز التحديات التي تواجه التسويق لكبار السن هي الحواجز الرقمية والنفسية، فالكثير منهم يواجه صعوبة في التفاعل مع التكنولوجيا الحديثة، لأن التجارب الرقمية غالبًا ما تُبنى دون مراعاة احتياجاتهم الخاصة:

أولًا: الحواجز الرقمية: تشمل كل ما يجعل استخدام التقنية معقدًا أو مرهقًا لهم، مثل التطبيقات التي تحتوي على واجهات مزدحمة، أو خطوات تسجيل طويلة، أو مصطلحات تقنية غير مألوفة. هذه التفاصيل تجعل التجربة مربكة وتحدّ من رغبتهم في الاستمرار.

دور المسوّقين لا يتمثل في محاولة تغيير طريقة تفكير كبار السن، بل في تبسيط التجربة الرقمية لتناسبهم، ويمكن تحقيق ذلك عبر حلول بسيطة مثل:

  1. واجهات واضحة وبسيطة: خطوط كبيرة، ألوان مريحة، ترتيب منطقي للعناصر.
  2. إمكانيات صوتية ومرئية: تعليمات صوتية أو فيديوهات توضيحية لتسهيل التفاعل.
  3. خطوات أقل للوصول للهدف: تقليل التعقيد وزيادة السلاسة في التنقل داخل التطبيق أو الموقع.
  4. عرض مبسّط للمحتوى: إعادة ترتيب المعلومات، وطريقة عرض المحتوى، وتغيير حجم الأزرار وجعلها أكبر قليلًا، كل ذلك يصنع فارقًا كبيرًا في سهولة الاستخدام.

الهدف من كل هذه التفاصيل هو أن تصل رسالتك الأساسية إلى كبار السن: «أنا أفهمك وأهتم بك»، وتوضّح لهم أن التجربة تحاكي اهتمام العلامة التجارية بك، تقدرك، وتلبي احتياجاتك الفردية، فكلما صممت تجربة رقمية تراعي قدرات ومشاعر كبار السن، كلما زاد ولاؤهم وثقتهم بعلامتك التجارية.

ثانيًا: الحواجز النفسية: ليست كل الصعوبات التي يواجهها كبار السن في التعامل مع التقنية متعلقة بالجانب الفني أو التكنولوجي، هناك حواجز نفسية ترتبط بالمشاعر والمخاوف التي تراودهم عند استخدام الخدمات الرقمية. من أبرز هذه المخاوف:

  • الخوف من الوقوع في الخطأ: بعض كبار السن يشعرون بالقلق من الضغط على زر خاطئ أو اتخاذ إجراء غير صحيح قد يؤدي إلى مشاكل في حساباتهم أو بياناتهم.
  • فقدان الخصوصية: القلق بشأن مشاركة بياناتهم الشخصية أو عدم معرفة كيفية استخدامها يزيد من حذرهم عند التعامل مع التطبيقات والمواقع.
  • التعرّض للاحتيال الإلكتروني: خوفهم من عمليات الاحتيال أو الهجمات الإلكترونية يجعلهم مترددين في الانخراط الكامل مع الخدمات الرقمية.

هذه المشاعر طبيعية جدًا، وتؤثر مباشرة على ترددهم في التفاعل أو مستوى ثقتهم بالخدمات الرقمية، مما يجعل دور المسوّقين أساسيًا في معالجة هذه الحواجز النفسية لضمان تجربة رقمية مريحة وآمنة، ومن أبرز الأمثلة للتعامل مع الجانب النفسي:

  • إبراز الطمأنينة والثقة في الحملات: يجب أن توصل الحملات والمواد الدعائية لمستخدمي كبار السن أن الخدمات آمنة وسهلة الاستخدام، وأن أي خطوة يتم اتخاذها ستكون واضحة ومضمونة.
  • توفير دعم فني مباشر وفعّال: وجود شخص حقيقي يمكنه الرد على استفساراتهم ومساعدتهم فورًا يقلل من القلق ويزيد من شعورهم بالأمان.
  • التجربة المريحة والسلسة: عند دمج الرسائل الواضحة والدعم الشخصي، تتحول تجربة كبار السن الرقمية إلى تجربة يسهل التعامل معها، يشعرون فيها بالراحة والثقة، وتلبي احتياجاتهم دون توتر أو قلق.

فهم الحواجز النفسية والتعامل معها بشكل استباقي عامل أساسي لبناء الثقة والولاء لدى كبار السن تجاه العلامة التجارية، فعندما تحقق هذه المعايير:

  • يشعر كبار السن بالانتماء والتقدير.
  • يكون لديهم شعور بالثقة تجاه الخدمات الرقمية.
  • ينشأ ولاء حقيقي طويل الأمد للعلامة التجارية، لأن التجربة أصبحت شخصية ومناسبة لهم.

المنصة الأنسب للتواصل مع كبار السن

محليًا: الكثير من كبار السن يعتمدون على الواتساب كوسيلة يومية للتواصل، لما يتميز به من بساطة ووضوح. كما يفضّلون اليوتيوب أيضًا، للاطلاع على المقاطع التعليمية أو الدينية أو الصحية؛ لما تحمله من فائدة وترفيه معرفي. أما الرسائل النصية، فما تزال وسيلة فعالة خصوصًا إذا كُتبت بلغة مباشرة وسهلة الفهم.

عالميًا: يبرز فيسبوك كمنصة تجمع بين سهولة الاستخدام وتنوع المحتوى؛ حيث يستخدمه الكثير من كبار السن حول العالم للبقاء على تواصل مع عائلاتهم وقراءة المقالات ومتابعة الصفحات التي تهمهم، كما أظهرت دراسة أجرتها Pew Research Center أن أكثر من 70% من كبار السن في أمريكا يختارون منصة الفيسبوك للاستخدام في التواصل مع العائلة بشكل دائم. ومن ناحية أخرى، نجد البريد الإلكتروني لا يزال مفضلًا لدى بعضهم، خاصةً إذا كانت الرسائل شخصية ومفيدة.

تختلف القنوات باختلاف الثقافة والعادات، لكن العامل الأهم هو اختيار الوسيلة الأقرب لتفضيلاتهم، والأكثر راحة لهم. فالتواصل الجيد مع كبار السن لا يتطلب أحدث التقنيات، بل يتطلب فهم حقيقي لاحتياجاتهم ولغة بسيطة واحترام لطريقتهم الخاصة في التفاعل.

كيف تكسب ثقة كبار السن؟

الثقة ضرورة أساسية عند التعامل مع كبار السن، فهذه الفئة غالبًا ما تكون أكثر حذرًا في مشاركة بياناتها الشخصية، وأقل مغامرة في اتخاذ أي قرار مبني على الفضول مقارنةً بالفئة الشابة من الجماهير، وخاصةً عندما لا يكون واضحًا لها لماذا تُطلب هذه البيانات وكيف سيتم استخدامها. لذلك:

  • فسّر لماذا تجمع البيانات وكيف تُستخدم.
  • أعطهم تحكم حقيقي في تعديل أو حذف بياناتهم.
  • اجعل سياسة الخصوصية مكتوبة بلغة بسيطة.

هذه الشفافية تعزز الشعور بالأمان وتُسهم في بناء علاقة ثقة طويلة الأمد بين كبار السن والعلامة التجارية؛ فكلما شعروا بأن بياناتهم في أيدٍ أمينة، زادت نسبة تفاعلهم وثقتهم، وهذا هو أحد مفاتيح النجاح في أي حملة تسويقية موجهة لهم.

افهمهم، توصل لهم

الوصول إلى كبار السن يتطلب فهم عميق واهتمام بالتفاصيل التي تهمهم فعلًا، فحين نضع احتياجاتهم في مقدمة التخطيط التسويقي، نخطو خطوة نحو تجربة رقمية متكاملة وعادلة للجميع.

المصادر:

1

2

3

4

مشاركة

اقرأ المزيد