Meshbak

كيف تعيد كتابة قصة علامتك التجارية لتبقى مؤثرة؟

10/11/2025
في :استراتيجية المحتوىالتسويقالتسويق الرقميالعلامة التجارية

في رحلة كل علامة تجارية، تتواجد محطة للتوقّف والتأمل، وإعادة النظر في هويتها وتقييم طريقة حضورها أمام جمهورها؛ حيث يعد إعادة تعريف العلامة التجارية خطوة إستراتيجية تجدد صياغة القصة التي ترويها، وتزيد من قدرتها على إلهام العملاء الحاليين وجذب شرائح جديدة، مع إمكانية تطوير هويتها البصرية بما يتوافق مع تحولات السوق.

وفي السوق السعودي الذي يشهد تحول رقمي سريع وتغيّر سلوكيات المستخدمين بوتيرة عالية، أصبح من الضروري أن تتبنّى العلامات التجارية منهج متكامل يربط بين الهوية البصرية والهوية الرقمية وتجربة العميل. التجديد المدروس يمنح العلامة التجارية وضوح أكبر في رسائلها، واتساق في حضورها، وتجربة أكثر إنسانية وعمق، تُعزّز الثقة وتبني علاقة طويلة الأمد مع جمهورها. في هذه التدوينة نستعرض بعض الإستراتيجيات التسويقية التي تساعدك على إعادة تطوير علامتك التجارية بنجاح واحترافية، وتضمن استدامتها في السوق.

إستراتيجيات تسويقية ناجحة تعيد تعريف علامتك التجارية:

الإستراتيجية الأولى: اقتنص الفرص بشكل مدروس

الشركات الناجحة تبني هويتها الجديدة على رؤية عميقة ورسالة واضحة مبنيّة حسب الفرص التي برزت خلال العام، لأن هذه الخطوة هي الأولى في إعادة تعريف العلامة التجارية بشكل ناجح، بدلًا من التركيز على التغييرات العشوائية أو متابعة «الترندات» المؤقتة. على سبيل المثال: أطلقت الهيئة السعودية للسياحة هويتها الجديدة (Visit Saudi – روح السعودية) بعد دراسة شاملة للتحولات في سوق السياحة السعودي والفرص الناتجة عن نمو السياحة المحلية والدولية، ليكون بمثابة استثمار ذكي يواكب توسع المملكة في وجهاتها السياحية بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030 ويجسد صورة مُلهِمة أمام العالم، برسالة واضحة: السعودية أصبحت جاهزة لاستقبال العالم بروحها وثقافتها وتجاربها الفريدة.

كيف تطبق الإستراتيجية في علامتك التجارية؟

  • خذ وقتك لتقييم ما يميز علامتك اليوم وللمدى البعيد: الهوية ذات التأثير القوي تنطلق من فهمك لعلامتك التجارية، فقبل أن تفكر بالتغيير، ارجع خطوة للوراء واسأل نفسك: «بماذا أتميّز عن المنافسين؟»

قيّم ما يميز علامتك التجارية اليوم وللمستقبل البعيد، وراجع تجاربك السابقة وركز على انطباع عملائك عنك؛ ستتضح لك الصورة بشكل أكبر ويسهل عليك تحديد الاتجاه الذي تبني عليه مستقبل شركتك.

  • اعرف نقاط القوة التي تريد إبرازها لجمهورك: أحيانًا تمتلك العديد من نقاط القوة الواضحة، ولكن بعضها قد لا يحصل على الاهتمام الكافي أو الفرصة ليبرز بشكل يليق به، لذلك ركّز على ما يميزك عن غيرك سواء بالجودة أو الابتكار أو حتى بأسلوب التواصل، واجعله العنصر البارز الذي ينعكس في كل جزء من هويتك.
  • ركز على رسالة ملهمة ومستدامة: الرسالة الناجحة لا تكون مؤقتة، ولا تنبني على ترند لحظي، هي مسيرة هدفها طويل. فهي التي تجعل عميلك يشعر بأنه جزء من رؤيتك، وتبقى في باله حتى بعد توقف تفاعله معك، لذا صغ رسالة واضحة ومستدامة تلهم العملاء وتبني معهم رابطة طويلة الأمد، بعيدًا عن التوجهات المؤقتة أو التغييرات اللحظية.

الإستراتيجية الثانية: اروي قصتك للملأ

إعادة تعريف الهوية هي فرصة لرواية قصة علامتك التجارية للجمهور، فالقصة الجيدة تخلق رابطة عاطفية بين العملاء والعلامة التجارية وتجعلهم يشعرون بأنهم جزء من الرحلة. على سبيل المثال: الخطوط السعودية أعادت تعريف هويتها البصرية لتروي قصة علامتها بطريقة حديثة ومُلهمة، حيث دشّنت شعار وتصميم جديد للطائرات، وركزت على تعزيز تجربة العملاء الرقمية ورفع مستوى الخدمات بما يتوافق مع تطلعات المسافرين.

هذا التغيير هو تحول إستراتيجي يعكس موقع الشركة كعلامة وطنية ريادية، تربط بين الأصالة والحداثة، وتحوّل العملاء من متلقين عاديين إلى شركاء في رحلة العلامة التجارية، حيث انتقلت من شركة طيران تقليدية إلى منظومة خدمات متكاملة، تجعل كل مسافر يشعر بأنه جزء من تجربة أكبر، مليئة بالراحة والثقة والانتماء.

نصائح لتحقيق أكبر تأثير عند تطبيق الإستراتيجية:

  • استخدم وسائل التواصل الاجتماعي لرواية قصتك بشكل جذاب ومبسط.
  • اشرح تطورات علامتك التجارية ولماذا هذه الخطوات مهمة للعملاء.
  • اجعل العملاء يشعرون بأنهم شركاء في التطوير، من خلال عرض لمحات حصرية للتغييرات أو طلب آرائهم ومقترحاتهم.

الإستراتيجية الثالثة: عميلك صديق الرحلة

أفضل العلامات التجارية اليوم تعامل عملائها كشركاء حقيقيين لأن مشاركة العملاء في رحلة التغيير تعزز ولاءهم وتجعله شعورًا متبادلًا بالانتماء. فمع اعطائهم لمحات حصرية عن التغييرات القادمة، والتفاعل معهم حول آرائهم، يشعرهم بأنهم عنصر مساهم في تطور ونجاح العلامة التجارية، على سبيل المثال، تطبيق التوصيل “ذا شفز” دمجت هذه الإستراتيجية عبر استطلاعات الرأي والتجارب المبكرة داخل التطبيق، حيث يُتاح للعملاء تجربة الخدمات والمطاعم والأقسام الجديدة ومشاركة آرائهم مع الجمهور، مما جعلهم شركاء حقيقيين في الرحلة وزاد من ارتباطهم وثقتهم بالعلامة التجارية.

كيف تطبق الإستراتيجية في علامتك التجارية؟

  • استخدم وسائل التواصل الاجتماعي لفتح حوار مع جمهورك: افتح حوار حقيقي مع جمهورك عبر السوشيال ميديا وشاركهم التغيير الذي تنوي عليه، فهذه المنصات أشبه بمساحة تفاعل وولاء تُشعر المتابعين أنهم جزء من الحكاية.
  • قم بحملات تفاعلية تدعوهم للمشاركة برأيهم في الأمر الحالي: أنشئ تفاعلًا بينك وبين جمهورك، اسألهم عن شعورهم تجاه ألوانك أو الشعار، أو حتى نغمة صوت علامتك. مثل مسابقة شاورمر لكتّاب المحتوى والمبدعين من جمهورهم بمناسبة إكمالهم لربع قرن، ومشاركتهم كراعي رسمي لموسم الرياض لعام 2025، حيث فتحوا المجال للجميع وتفاعلوا بشكل إيجابي.
  • استثمر في تجارب العملاء بطريقة تعكس هوية جديدة ومشوقة: التجربة ترسّخ الهوية، فكر في طرق تجعل كل تفاعل مع علامتك يعكس الهوية الجديدة بشكل ممتع وملهم. جرب خدمات تضيف طابع مميز للعلامة، أو تصميم غامض يشعل استكشاف ما وراء الستار لدى العملاء بطريقة ممتعة وملهمة، مثل خدمات أو تطبيقات تفاعلية.

الإستراتيجية الرابعة: راقب اتجاهات السوق المستقبلية

إعادة تعريف العلامة التجارية لا تنحصر في الماضي أو الحاضر، بل يجب أن تتسق مع توقعات السوق المستقبلي واحتياجات العملاء القادمة، وذلك استنادًا إلى فهم واضح لها. على سبيل المثال البنك السعودي الفرنسي (BSF) أعاد تصميم هويته في 2024 بما يجسد التزام البنك بدعم رؤية المملكة 2030 وفق رؤية مستقبلية للسوق المالي والتحولات الرقمية، مع التركيز على الخدمات المصرفية الرقمية المتطورة واحتياجات العملاء القادمة. بهذا الأسلوب، أصبح البنك جاهزًا لمواكبة الفرص المستقبلية وتعزيز مكانته كمؤسسة مالية رائدة تتفاعل مع التحولات الجديدة بشكل استباقي.

كيف تطبق الإستراتيجية في علامتك التجارية؟

  • راقب التغيرات التكنولوجية والاجتماعية: لتفهم كيف تتغير سلوكيات جمهورك المستهدف وكيف تتغلغل التكنولوجيا في حياتهم اليومية. ابتكارات مثل الذكاء الاصطناعي أو الاهتمام المتزايد بالاستدامة تمثل مؤشرات مهمة توجّه إستراتيجيات تواصلك وخدماتك لتبقى مواكبًا وملائمًا لاحتياجاتهم.
  • احرص على أن تكون الهوية مرنة وقابلة للتكيف مع المستقبل: لا تخلق هوية غير مرنة مع الزمن وخذ بعين الاعتبار أن جمهورك وقنوات التواصل وحتى أولويات السوق كلها تتغير على مر الأزمان؛ لذلك اجعل هويتك أكثر مرونة لتكون قادرة على المواكبة.
  • استثمر في التجربة الرقمية لتواكب التطور: العميل اليوم يتعامل معك من خلال شاشة هاتفه قبل أن يزورك على موقعك أو متجرك الإلكتروني، ومن طريقة تواصلك في تطبيقات الدردشة. لذا استثمر في التجربة الرقمية واجعلها متماشية مع الهوية الجديدة، لتكون امتداد حقيقي لعلامتك التجارية.

علامات تجارية أعادت بناء هويتها لتحقق تفاعلًا واسعًا من الجمهور:

من الأمثلة المحلّية للعلامات التجارية التي أعادت تعريف هويتها خلال بداية العام:

  • مصرف الراجحي: أطلق المصرف هويته الجديدة تحت شعار «ما بعد المصرفية»، والتي تشير إلى توسّعهم في الخدمات إلى ماهو أكثر من مجرد مصرف؛ أصبح منظومة مالية متكاملة تحل مشاكل العملاء المالية، كما أصبحت إعلاناته الإبداعية جزءًا من المناسبات الاجتماعية والثقافية.
  • مطاعم كودو: توجّهت كودو إلى تطوير هويتها البصرية بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، بما يتماشى مع الجمهور المستهدف من جيل Z إلى أصغرهم؛ كما يعتمد في حملاته التسويقية على التعاونات مع صناع المحتوى والمؤثرين في الجماهير المستهدفة.
  • شركة حلول أعمال الخليج المحدودة: كشفت الشركة عن هويتها التجارية الجديدة خلال معرض “ليب 2025″، في خطوة تهدف إلى تعزيز حضورها في السوق، وإبراز قدرات الشركة في تقديم حلول مبتكرة وجاهزة للمستقبل، وتعزيز مصداقيتها أمام عملائها المحليين والدوليين، لتوفير تجربة علامة تجارية واضحة ومباشرة تعكس تطورها.

وهناك أمثلة أخرى عالمية، تبرز فكرة تطوير وتغيير هوية العلامة التجارية بما يحقق التفاعل مع الجمهور ويواكب التغييرات في السوق:

  • Apple: قامت الشركة بتحديث شعارها وبعض عناصر الهوية البصرية لتوحيد تجربة المستخدم عبر جميع منصاتها، مع التركيز على البساطة والابتكار، بما يعكس التزامها بالتصميم العصري والتجربة المتميزة، من خلال حملة “Creativity Goes On” التي شجعت المستخدمين على مشاركة أعمالهم الإبداعية باستخدام منتجات Apple على وسائل التواصل، مما عزز التفاعل المجتمعي والولاء للعلامة.
  • Pepsi: أعادت تصميم هويتها البصرية بما يشمل الألوان والشعار وطرق التعبئة، لتجديد الانطباع لدى المستهلكين وجذب جمهور أصغر سنًا مع الحفاظ على هوية العلامة المميزة، عبر حملة “Pepsi Challenge” الرقمية، التي دعت العملاء لتجربة المنتجات ومشاركة آراءهم على المنصات، مدمجة مع مسابقات وجوائز، لزيادة التفاعل المباشر.
  • Microsoft: طوّرت هويتها الرقمية والمرئية مع التركيز على شعار متجدد وخطوط وألوان جديدة، لتعكس تحولها من شركة برمجيات تقليدية إلى منصة حلول تقنية متكاملة للمؤسسات والأفراد، بحملة “Microsoft 365 Experience” التي وفرت محتوى تعليمي تفاعلي وتجارب رقمية مخصصة للشركات والأفراد، لتعزيز فهم العملاء للخدمات الجديدة وزيادة الولاء.

إعادة تعريف العلامة التجارية هي رحلة إستراتيجية تعيد بناء جسور الثقة والتواصل مع العملاء. ابدأ عامك الجديد بخطوة واثقة تعكس رؤيتك، واصنع قصة تلهم جمهورك واجعلهم جزءًا من الرحلة، ولا تنسى أن تطّلع على مستقبل السوق لتكون دائمًا في القمة ومتميز من بين منافسيك.

المصادر:

1

2

3

4

مشاركة

اقرأ المزيد